372 - عن قبيصة بن المخارق وزهير بن عمرو رضي الله عنهما؛ قالا: لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] قال انطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى رضمة من جبل. فعلا أعلاها حجرا. ثم نادى "يا بني عبد منافاه! إني نذير. إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يربأ أهله. فخشي أن يسبقوه فجعل يهتف: يا صباحاه". بنحوه.
373 - عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] ورهطك منهم المخلصين. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا. فهتف "يا صباحاه! " فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. فاجتمعوا إليه، فقال "يا بني فلان! يا بني فلان! يا بني فلان! يا بني عبد مناف! يا بني عبد المطلب! " فاجتمعوا إليه فقال "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ " قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". قال فقال: أبو لهب تبا لك؛ أما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام. فنزلت هذه السورة: {تبت يدا أبي لهب وقد تب} [المسد: 1]. كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة.
374 - عن الأعمش، بهذا الإسناد. قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا فقال "يا صباحاه! " بنحو الحديث السابق. ولم يذكر نزول الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين}.
-[المعنى العام]-
لرفع المحاباة، وللترغيب في دعوة الإسلام، للإشعار بأنها الخير كل الخير، أمر صلى الله عليه وسلم أن يبدأ بدعوة قومه وعشيرته وأقربائه، بل أن يبدأ بأقرب الناس إليه داعيا له، ومنذرا إياه من عذاب شديد، فقال جل شأنه: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] وبادر صلى الله عليه وسلم فصدع بما أمر، فصعد الصفا، الذي قدسه العرب كشعيرة من شعائر الحج، ثم وضع إصبعيه في أذنيه،