لا ينتهي ملكه إلى جميع الأرض بل يملك بعضا منها، ثم منهم من يكثر البعض الذي يملكه، ومنهم من يقل بعضه، فيعطي هذا الرجل مثل أحد ملوك الدنيا خمس مرات وذلك كله قدر الدنيا كلها ثم يقال له: لك عشرة أمثال هذا فيعود معنى الرواية إلى موافقة الروايات الأخرى. والله أعلم.
وقد اعتذر الكلاباذي عن نقض هذا الرجل للعهد، فقال: كان إمساكه أولا عن السؤال حياء من ربه، والله يحب أن يسأل، لأنه يحب صوت عبده المؤمن، فيباسطه أولا بقوله: "لعلك إن أعطيتك هذا تسأل غيره" وهذه حالة المقصر، فكيف حالة المطيع؟ وليس نقض هذا العبد، وتركه ما أقسم عليه جهلا منه، ولا قلة مبالاة، بل علما منه بأن نقض هذا العهد أولى من الوفاء به، لأن سؤاله ربه أولى من ترك السؤال مراعاة للقسم، وقد قال صلى الله عليه وسلم "من حلف على يمين، فرأى خيرا منها، فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير" فعمل هذا العبد على وفق هذا الخير، والتكفير قد ارتفع عنه في الآخرة. اهـ.
6 - كما تعرضت رواياتنا للشفاعة (شفاعة النبيين عليهم السلام وشفاعة، الملائكة، وشفاعة المؤمنين) كما تعرضت الرواية السادسة عشرة إلى المقام المحمود، وسنتكلم عن هاتين النقطتين عند الكلام على الشفاعة في الحديث الآتي إن شاء الله.
7 - [ويؤخذ من الحديث]-
1 - جواز مخاطبة الشخص بما لا يدرك حقيقته.
2 - وجواز التعبير عن ذلك بما يفهمه.
3 - وأن الأمور التي في الآخرة لا تشبه ما في الدنيا إلا في الأسماء.
4 - والاستدلال على العلم الضروري بالنظري.
5 - وأن التكليف لا ينقطع إلا بالاستقرار في الجنة أو النار.
6 - وأن الصراط مع دقته وحدته يسع الكثير من الخلائق.
7 - وأن النار مع عظمها وشدتها لا تتجاوز الحد الذي أمرت بإحراقه.
8 - وفيه إشارة إلى توبيخ الطغاة والعصاة.
9 - وفيه فضل الدعاء وقوة الرجاء في إجابة الدعوة، ولو لم يكن الداعي أهلا لذلك في الظاهر.
10 - وفي قوله "ما أغدرك" إشارة إلى أن الشخص لا يوصف بالفعل الذميم إلا بعد أن يتكرر ذلك منه.
11 - وفيه جواز سؤال الشفاعة، خلافا لمن منع، محتجا بأنها لا تكون إلا لمذنب، قال القاضي عياض: كل عاقل معترف بالتقصير فيحتاج إلى طلب العفو عن تقصيره، وكذا كل عامل يخشى ألا يقبل عمله، فيحتاج إلى الشفاعة في قبوله قال: ويلزم هذا القائل ألا يدعو بالمغفرة ولا بالرحمة، وهو خلاف ما درج عليه السلف في أدعيتهم.