قال النووي هكذا وقع في بعض الأصول "وشركه" وفي بعضها "وشريكه" وفي بعضها "وشركته" ومعناه أنا غني عن المشاركة وغيرها فمن عمل شيئا لي ولغيري لم أقبله بل أتركه لذلك الغير والمراد أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه ويأثم فيه
(من سمع سمع الله به ومن راءى راءى الله به) وفي الرواية الثالثة "من يسمع يسمع الله به ومن يرائي يرائي الله به" "من سمع" بفتح السين والميم المشددة و"سمع الله به" مثلها و"من راءى" بمد الراء بعدها همزة و"من يرائي" بضم الياء والمد وكسر الهمزة و"يرائي" الثانية مثلها وثبتت الياء في آخر كل منهما للإشباع وهما مجزومان أو التقدير كما قال الحافظ فإنه يرائي أي على الاستئناف وهذا عن "يرائي" الثانية أما الأولى فهي للإشباع فحسب
وفي المعنى قال الخطابي من عمل عملا على غير إخلاص وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه [وظاهر هذا أن الجزاء في الدنيا ويحتمل أن يكون ذلك في الدنيا والآخرة] وقيل من قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس ولم يرد به وجه الله فإن الله يجعله حديثا عند الناس الذين أراد نيل المنزلة عندهم ولا ثواب له في الآخرة ومعنى "يرائي الله به" يطلعهم على أنه فعل ذلك لهم لا لوجهه ومنه قوله تعالى {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها} إلى قوله {ما كانوا يعملون} [هود 15، 16]
وقيل المراد من قصد بعمله أن يسمعه الناس ويروه ليعظموه وتعلو منزلته عندهم حصل له ما قصد وكان ذلك جزاءه على عمله ولا يثاب عليه في الآخرة
وهذا القول قريب من سابقه إلا أن يراد من السابق أن يضيع هدفه من الناس فلا يحصل له ما قصد كما يضيع أجره في الآخرة
وقيل المعنى من سمع بعيوب الناس وأذاعها ونقلها من سمع إلى سمع أظهر الله عيوبه ونشر أسراره
وقيل المعنى من نسب إلى نفسه عملا صالحا لم يفعله وادعى خيرا لم يصنعه ونشر ذلك على مسامع الناس فإن الله يفضحه ويظهر كذبه
وقيل المعنى من يرائي الناس بعمله أراه الله ما كان يستحق بعمله من الثواب لولا المراءاة وحرمه إياه
وقيل معنى "سمع الله به" شهره أو ملأ أسماع الناس بسوء الثناء عليه في الدنيا أو في القيامة بما ينطوي عليه من خبث السريرة
أقول واللفظ يحتمل كل هذه المعاني فليشملها والله أعلم