يتخلى عن علي رضي الله عنه وأنه يمكن أن يضمه إليه فكتب إليه يدعوه إلى عونه على المطالبة بدم عثمان فأجابه سعد
معاوي داءك الداء العياء ... وليس لما تجيء به دواء
أيدعوني أبو حسن علي ... فلم أردد عليه ما يشاء
وقلت له أعطني سيفا بصيرا ... تميز به العداوة والولاء
فإن الشر أصغره كثير ... وإن الظهر تثقله الدماء
أتطمع في الذي أعطى عليا ... على ما قد طمعت به العفاء
ليوم منه خير منك حيا ... وميتا أنت للمرء الفداء
فأما أمر عثمان فدعه ... فإن الرأي أذهبه البلاء
مات رضي الله عنه في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة وحمل إلى المدينة فدفن بها بالبقيع سنة خمس وخمسين وله من العمر بضع وسبعون على المشهور روى أنه لما حضره الموت دعا بجبة خلق من صوف فقال كفنوني فيها فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر وكنت أخبؤها لهذا رضي الله عنه وأرضاه
(فضرب سعد في صدره فقال اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي) قال النووي المراد بالغني غني النفس هذا هو الغني المحبوب لقوله صلى الله عليه وسلم "ولكن الغني غني النفس" وأشار القاضي إلى أن المراد الغني بالمال وأما "الخفي" فبالخاء هذا هو الموجود في النسخ والمعروف في الروايات وذكر القاضي أن بعض رواة مسلم رواه بالحاء ومعناه بالخاء الخامل المنقطع إلى العبادة وللاشتغال بأمور نفسه وهو مراقب ربه ومعناه بالحاء الوصول للرحم اللطيف بهم وبغيرهم من الضعفاء والمناسب للمقام رواية الخاء
(إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله) وذلك في سرية عبيدة بن الحارث وكان معه يومئذ المقداد بن عمرو وعتبة بن غزوان ويروى أن سعدا قال في ذلك شعرا
ألا هل جا رسول الله أني ... حميت صحابتي بصدور نبلي
أذود بها عدوهم ذيادا ... بكل حزونة وبكل سهل
فما يعتد رام من معد ... بسهم مع رسول الله قبلي
(ولقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام نأكله إلا ورق الحبلة وهذا السمر حتى إن أحدنا ليضع كما تضع الشاة) "الحبلة" بضم الحاء وسكون الباء و"السمر" بفتح