(وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت) أي فنفذت عطاءك وأكملته وأتممته من غير من ولا أذى والاستفهام إنكاري بمعنى النفي أي ليس لك من مالك إلا كذا وكذا وكذا وما عدا ذلك فهو لورثتك

ففي الرواية الرابعة "يقول العبد مالي مالي إنما له من ماله ثلاث ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى" قال النووي هكذا هو في معظم النسخ ولمعظم الرواة "فاقتنى" بالتاء ومعناه ادخره لآخرته أي ادخر ثوابه وفي بعضها "فأقنى" بحذف التاء أي أرضى الله وأرضى الفقير "وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس"

(يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله) تبعية هذه الثلاثة غالبية فقد لا يتبعه إلا عمله فقط والمراد من يتبع جنازته من أهله ورفاقه وإذا انقضى أمر الحزن عليه رجعوا سواء أقاموا بعد الدفن أم لا ومعنى بقاء عمله أنه يدخل معه القبر والتبعية بعضها حقيقة وبعضها مجاز ففيه استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه

(ما الفقر أخشى عليكم) "الفقر" منصوب مفعول به مقدم لأخشى وقال الطيبي فائدة تقديم المفعول هنا الاهتمام بشأن الفقر فإنه الوالد المشفق إذا حضره الموت كان اهتمامه بحال ولده في المال فأعلم صلى الله عليه وسلم أصحابه أنه وإن كان لهم في الشفقة عليهم كالأب لكن حاله في أمر المال يخالف حال الوالد وأنه لا يخشى عليهم الفقر كما يخشاه الوالد ولكن يخشى عليهم من الغنى الذي هو مطلوب الوالد لولده

(فتنافسوها) بفتح التاء مع حذف إحدى التاءين أي فتتنافسوها والتنافس من المنافسة وهي الرغبة في الشيء ومحبة الانفراد به والمغالبة عليه وأصلها من الشيء النفيس

(وتهلككم كما أهلكتهم) لأن المال مرغوب فيه فترتاح النفس لطلبه فتمنع منه فتقع العداوة المقتضية للمقاتلة المفضية إلى الهلاك وفي الرواية السابعة" إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم" أي على أي حال ستكونون قال "نقول كما أمرنا الله" أي نحمده ونشكره ونسأله المزيد من فضله قال صلى الله عليه وسلم "أو غير ذلك تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون ثم تنطلقون في مساكين المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض" أي تنطلقون في ضعاف المهاجرين فتجعلون بعضهم أمراء على بعض

(إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه) "فضل" بضم الفاء مبني للمجهول و"الخلق" بفتح الخاء وسكون اللام أي الصورة والخلقة ويحتمل أن يدخل فيه الأولاد والأتباع وكل ما يتعلق بزينة الحياة الدنيا وفي الرواية التاسعة "انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015