ليس ربهم، ويستعيذون بالله منه. أما الصورة التي يعرفون فالمراد بها هنا الصفة، ومعناه: فيتجلى الله - سبحانه وتعالى- لهم على الصفة التي يعلمونها ويعرفونه بها، وإنما عرفوه بصفته وإن لم تكن تقدمت لهم رؤية له سبحانه وتعالى لأنهم يرونه لا يشبه شيئا من مخلوقاته، وقد علموا أنه لا يشبه شيئا من مخلوقاته، فيعلمون أنه ربهم، فيقولون: أنت ربنا. ومعنى "فيتبعونه" فيتبعون أمره إياهم بذهابهم إلى الجنة، أو يتبعون ملائكته الذين يذهبون بهم إلى الجنة. اهـ.
وقال ابن بطال: تمسك المجسمة بهذا الحديث، فأثبتوا لله صورة، ولا حجة لهم فيه، لاحتمال أن يكون بمعنى العلامة، وضعها الله لهم دليلا على معرفته، كما يسمى الدليل والعلامة صورة، وكما تقول: صورة حديثك كذا، وصورة الأمر كذا، والحديث والأمر لا صورة لهما حقيقة. اهـ.
وقال ابن الجوزي: معنى الخبر: يأتيهم الله بأهوال يوم القيامة ومن صور الملائكة بما لم يعهدوا مثله في الدنيا، فيستعيذون من تلك الحال، ويقولون: إذا جاء ربنا عرفناه، أي إذا أتانا بما نعرفه من لطفه، وهي الصورة التي عبر عنها بقوله: يكشف عن ساق" أي عن شدة. اهـ.
وقال القرطبي: هو مقام هائل، يمتحن الله به عباده يميز الخبيث من الطيب، وذلك أنه لما بقي المنافقون مختلطين بالمؤمنين زاعمين أنهم منهم، ظانين أن ذلك يجوز في ذلك الوقت، كما جاز في الدنيا، امتحنهم الله بأن أتاهم بصورة هائلة، قالت للجميع: أنا ربكم. فأجابه المؤمنون بإنكار ذلك، لما سبق لهم معرفته سبحانه وأنه منزه عن صفات هذه الصورة، فلهذا قالوا: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا، حتى إن بعضهم ليكاد ينقلب أي يزل، فيوافق المنافقين. اهـ.
وقد فهم بعضهم من قوله: "وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة" أنهم رأوه أول ما حشروا.
وقال آخرون: إنهم عرفوا صورته بناء على ما عرفوه به حين أخرج ذرية آدم من صلبه، ثم أنساهم ذلك في الدنيا، ثم يذكرهم بها في الآخرة.
وقال آخرون: إن العلامة التي عرفوه بها، وهي الساق، يحتمل أن الله عرفهم على ألسنة الرسل من الملائكة أن الله جعل لهم علامة تجليه سبحانه كشف الساق.
وقال الكلاباذي: عرفوه بأن أحدث فيهم لطائف عرفهم بها نفسه، ومعنى كشف الساق: زوال الخوف والهول. والله أعلم.
وفي تشبيه رؤيته - سبحانه وتعالى- برؤية الشمس والقمر قال الزين بن المنير: إنما خص الشمس والقمر بالذكر مع أن رؤية السماء بغير سحاب أكبر آية، وأعظم خلقا من مجرد الشمس والقمر، لما خص به من عظيم النور والضياء بحيث صار التشبيه بهما فيمن يوصف بالجمال والكمال سائغا شائعا في الاستعمال. اهـ.
وقال ابن أبي جمرة: في عطف الشمس على القمر مع أن تحصيل الرؤية بذكره كاف، لأن القمر لا