أربعين يوما يرد كل بلدة غير هاتين البلدتين مكة والمدينة حرمهما الله تعالى عليه" أي كيف يغطي هذه الأرض في أربعين يوما
(قال كالغيث استدبرته الريح) أصله كالريح تثير السحاب فتنزله في مكان ثم تستدبره إلى مكان آخر
(فيأتي على قوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر) أي ترجع ماشيتهم من مرعاها أعلى أسناما وأضخم ضروعا وأكثر امتلاء لشحمها ولحمها فمعنى "تروح" ترجع آخر النهار والسارحة الماشية التي تسرح أي تذهب أول النهار للمرعى وأما الذري فبضم الذال وهي الأعالي والأسنمة جمع ذروة بضم الذال وكسرها ومعنى "وأسبغه ضروعا" فبالسين والغين أي أطوله وأعظمه انتفاخا لكثرة اللبن و"أمده خواصر" أي أضخم معدة ولحما وشحما من الشبع
(ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم) أي فيكذبونه ولا يقبلون ادعاءه فيدعوا عليهم بالفقر وبالجدب وذهاب أموالهم فيصبحون كذلك وفي حديث أبي أمامة عند ابن ماجه "وإن من فتنته أن يقول للأعرابي أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول نعم فيمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه يقولان له يا بني اتبعه فإنه ربك وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت ويمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر والأرض أن تنبت فتمطر وتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظم وأمده خواصر وأدره ضرعا"
(ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل) أي كذكور النحل وقال القاضي أي كجماعة النحل لا ذكورها خاصة لكنه كنى عن الجماعة باليعسوب وهو أميرها لأنه متى طار تبعته جماعته
(ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف يقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك) "جزلتين" بفتح الجيم على المشهور وحكى كسرها أي قطعتين ومعنى "رمية الغرض" أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رميته هذا هو الظاهر المشهور وقيل في الكلام تقديم وتأخير وتقديره فيصيبه إصابة رمية الغرض فيقطعه جزلتين قال النووي والصحيح الأول
وفي الرواية الثانية عشرة "يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول له أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه فيقول الدجال أرأيتم إن قتلت هذا ثم