بعد هذا قال ويجوز أن توافق صفة ابن صياد صفة الدجال كما ثبت في الصحيح "أن أشبه الناس بالدجال عبد العزى بن قطن"
وكان أمر ابن صياد فتنة ابتلى الله تعالى بها عباده فعصم الله تعالى منها المسلمين ووقاهم شرها قال البيهقي وليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي صلى الله عليه وسلم لقول عمر فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان كالمتوقف في أمره ثم جاءه البيان أنه غيره كما صرح به في حديث تميم وقصته فيها اشتباه كبير يحدثه قوله للنبي صلى الله عليه وسلم "أتشهد أني رسول الله" ودعواه أنه يأتيه صادق وكاذب وأنه يرى عرشا فوق الماء وأنه لا يكره أن يكون هو الدجال وأنه يعرف موضعه وقوله إني لأعرفه وأعرف مولده وأين هو الآن وانتفاخه حتى ملأ السكة
قال الخطابي واختلف السلف في أمره بعد كبره فروي عنه أنه تاب من ذلك القول ومات بالمدينة وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس وقيل لهم اشهدوا
فإن قيل كيف لم يقتله النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه ادعى النبوة بحضرته أجاب البيهقي وغيره بجوابين الأول أنه كان غير بالغ واختار القاضي عياض هذا الجواب
الثاني أنه كان في أيام مهادنة اليهود وحلفائهم وكان هو حليفا لليهود وجزم الخطابي في معالم السنن بهذا الجواب فقال لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتاب صلح على أن لا يهاجوا ويتركوا على أمرهم وكان ابن صياد منهم أو دخيلا فيهم
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
1 - من الرواية التاسعة وحلف جابر بأن ابن صياد هو الدجال استدل جماعة على جواز اليمين بالظن وأنه لا يشترط فيه اليقين قال النووي وهذا متفق عليه عند أصحابنا حتى لو رأى بخط أبيه الميت أن له عند زيد كذا وغلب على ظنه أنه خطه ولم يتيقن جاز الحلف على استحقاقه
2 - ومن الرواية العاشرة ودخول النبي صلى الله عليه وسلم النخل على ابن صياد كشف أحوال من تخاف مفسدته
3 - ومحاولة كشف الإمام الأمور المهمة بنفسه
4 - ومن قوله "تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت" قال المازري فيه تنبيه على إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة وهو مذهب أهل الحق ولو كانت مستحيلة كما يزعم المعتزلة لم يكن للتقييد بالموت معنى وقد مر موضوع رؤية الله تعالى في كتاب الإيمان
والله أعلم.