قال الحافظ وإذا ثبت وجودهم فقد اختلف في أصلهم فقيل إن أصلهم من ولد إبليس فمن كان منهم كافرا سمي شيطانا وإلا قيل له جني

واختلف في تكليفهم فقال ابن عبد البر الجن عند الجماعة مكلفون وقال عبد الجبار لا نعلم خلافا بين أهل النظر في ذلك إلا ما حكي عن بعض الحشوية أنهم مضطرون إلى أفعالهم وليسوا بمكلفين قال والدليل للجماعة ما في القرآن من ذم الشياطين والتحرز من شرهم وما أعد لهم من العذاب وهذه الخصال لا تكون إلا لمن خالف الأمر وارتكب النهي مع تمكنه من أن لا يفعل

وإذا تقرر كونهم مكلفين فقد اختلفوا هل كان فيهم نبي منهم أم لا والجمهور على أنه لم يكن فيهم نبي منهم

قال الحافظ ابن حجر واختلف أيضا هل يأكلون ويشربون ويتناكحون أم لا فقيل بالنفي وقيل بمقابله ثم اختلفوا فقيل أكلهم وشربهم تشمم واسترواح لا مضغ ولا بلع ورجح الحافظ ابن حجر أن أكلهم بمضغ وبلع مستدلا بما رواه أبو داود من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا ورجل يأكل ولم يسم ثم سمى في آخره فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ما زال الشيطان يأكل معه فلما سمى استقاء ما في بطنه" وبما أخرجه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يأكلن أحدكم بشماله ويشرب بشماله فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله"

وروى ابن عبد البر عن وهب بن منبه أن الجن أصناف فخالصهم ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يتوالدون وجنس منهم يقع ذلك منهم قال الحافظ وهذا إن ثبت كان جامعا للقولين الأولين

واستدل من قال بأنهم يتناكحون بقوله تعالى {لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان} [الرحمن 56، 74] وبقوله تعالى {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني} [الكهف 50]

أما ثوابهم وعقابهم فلم يختلف من أثبت تكليفهم أنهم يعاقبون على المعاصي واختلف هل يثابون فذهب الجمهور إلى أنهم يثابون على الطاعة وهو قول الأئمة الثلاثة والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وغيرهم وعن أبي حنيفة ثواب الجن أن يجاروا من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا

والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015