-[المعنى العام]-
خلق الله الجنة تتسع لجميع أفراد الإنس والجن ومن شاء من المخلوقين وخلق النار تتسع لجميع أفراد الإنس والجن ومن شاء من المخلوقين وكأن لكل من المخلوقين مكانا في الجنة ومكانا في النار لكن شاءت حكمته أن يكون للجنة أهلها من الطائعين وللنار أهلها من العاصين ونتيجة لذلك يحتل أهل الجنة في الجنة مكان العاصين الذين أدخلوا النار ويحتل أهل النار في النار مكان الطائعين الذين أدخلوا الجنة وكأن أهل النار فكوا أهل الجنة من سجنهم الذي كان ينتظرهم في النار وكأن أهل الجنة حملوا أهل النار أوزارهم وسيئاتهم التي غفرها الله لهم
هذا ما تصوره الأحاديث في توريث الجنة والنار وصدق الله العظيم إذ يقول {وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون} [الزخرف 72]
-[المباحث العربية]-
(إذا كان يوم القيامة) "كان" تامة و"يوم القيامة" فاعل أي إذا جاء وحصل يوم القيامة
(دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول هذا فكاكك من النار) وفي الرواية الثانية "لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا"
وفي الرواية الثالثة "يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى" قال النووي الفكاك بفتح الفاء وكسرها والفتح أفصح وأشهر وهو الخلاص والفداء
قال ومعنى هذا الحديث ما جاء في حديث أبي هريرة لكل أحد منزل في الجنة ومنزل في النار فالمؤمن إذا دخل الجنة خلفه الكافر في النار لاستحقاق ذلك بكفره فمعنى أن يقال له "هذا فكاكك من النار" أنك كنت معرضا لدخول النار وهذا فكاكك لأن الله تعالى قدر لها عددا يملؤها فإذا دخلها الكفار بكفرهم وذنوبهم صاروا في معنى الفكاك للمسلمين
ثم قال وأما معنى "يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب" فهو أن الله تعالى يغفر تلك الذنوب للمسلمين ويسقطها عنهم ويضع على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم وذنوبهم فيدخلهم النار بأعمالهم لا بذنوب المسلمين
قال ولا بد من هذا التأويل لقوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام 164] وأما قوله "ويضعها" فمجاز والمراد يضع عليهم مثلها بذنوبهم لكن لما أسقط سبحانه وتعالى عن المسلمين سيئاتهم وأبقى على الكفار سيئاتهم صاروا في معنى من حمل إثم الفريقين لكونهم حملوا الإثم الباقي وهو إثمهم قال ويحتمل أن يكون المراد آثاما كان للكفار سبب فيها بأن سنوها فتسقط