(جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه) وفي الرواية الخامسة خلق الله مائة رحمة فوضع واحدة بين خلقه وخبأ عنده مائة إلا واحدة وفي الرواية السادسة إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها وأخر الله تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة وفي الرواية السابعة إن لله مائة رحمة فمنها رحمة بها يتراحم الخلق بينهم وتسعة وتسعون ليوم القيامة وفي الرواية الثامنة إن الله خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة قال النووي هكذا وقع في نسخ بلادنا جميعا الرحمة وذكر القاضي عياض جعل الله الرحم بضم الراء وحذف الهاء قال ويجوز فتح الراء ومعناه الرحمة اهـ

وفي رواية للبخاري "جعل الله الرحمة في مائة جزء" قال الكرماني المعنى يتم بدون الظرف "في" فلعلها زائدة أو متعلقة بمحذوف مبالغة إذ جعلها مظروفا لها معنى بحيث لا يفوت منها شيء اهـ وأكثر الطرق خالية من الظرف

وقال القرطبي يجوز أن يكون معنى "خلق" اخترع وأوجد ويجوز أن يكون بمعنى قدر بمعنى أن الله أظهر تقديره لذلك يوم أظهر تقدير السموات والأرض وقوله "كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض" المراد به التعظيم والتكثير اهـ

وقوله "فأمسك عنده تسعة وتسعين" جزءا "وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق ... " إلخ حكى القرطبي عن بعض الشراح أن هذا العدد الخاص أطلق لإرادة التكثير والمبالغة فيه وتعقبه بأنه لم تجر عادة العرب بذلك في المائة وإنما جرى في السبعين

وقال الكرماني الرحمة هنا عبارة عن القدرة المتعلقة بإيصال الخير والقدرة في نفسها غير متناهية والتعلق غير متناه لكن حصره في مائة على سبيل التمثيل تسهيلا للفهم وتقليلا لما عند الخلق وتكثيرا لما عند الله سبحانه وتعالى اهـ وهو كلام حسن أولى بالقبول من توجيهات كثير من الشراح لحكمة هذا العدد

وأما قوله في الرواية الثامنة "فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة" ففيه إشارة إلى أن الرحمة التي في الدنيا بين الخلق تكون فيهم يوم القيامة يتراحمون بها أيضا صرح بذلك المهلب فقال الرحمة التي خلقها الله لعباده وجعلها في نفوسهم في الدنيا هي التي يتغافرون بها يوم القيامة التبعات بينهم قال ويجوز أن يستعمل الله تلك الرحمة فيهم فيرحمهم بها سوى رحمته التي وسعت كل شيء وهي التي من صفة ذاته ولم يزل موصوفا بها فهي التي يرحمهم بها زائدا على الرحمة التي خلقها لهم قال ويجوز أن تكون الرحمة التي أمسكها عند نفسه هي التي عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015