وعالما يخلطون عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب على سيئاتهم وهم الإنس والجن المكلفون بالشرائع وكان هذا التكليف ذا شعب محرمات يجب الابتعاد عنها وواجبات يجب التزامها ومكروهات ينبغي التنزه عنها ومستحبات ينبغي الحرص عليها ومباحات ومتع دنيوية رخص بها بقدر الحاجة البشرية وفتح باب الطاعات ليترقى المؤمن في سلم الروحانية وليعرج إلى الملأ الأعلى قدر ما يستطيع لكن بعض الصحابة رضي الله عنهم بحكم سماعهم وعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحكم تأثرهم به وبحكم شدة خوفهم من الله وبحكم عظيم مراقبتهم له ورغبتهم في فيض فضله ظنوا أن اشتغالهم بمتع الدنيا وشهواتها وإن كانت مباحة لا تليق بهم وأن الاشتغال بها نوع من النفاق وجمع بين الخشية الباطنة والعبث واللهو الظاهري وإن اختلفت أوقاتهما فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن ذلك ليس نفاقا ممنوعا وأنهم غير مكلفين بأن يكونوا على التفكر الدائم والمراقبة المستمرة وإلا كانوا كالملائكة وصاحبتهم الملائكة ولكن المطلوب منهم أن يكونوا على التقوى والخشية وقتا وأن ينشغلوا بالدنيا المباحة وبزينتها المسموح بها وقتا آخر على أن لا تطغى وتسيطر الدنيا على قلب المؤمن فيكون من الخاسرين
-[المباحث العربية]-
(عن حنظلة الأسيدي وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهو ابن حذيم بن حنيفة له ولأبيه وجده صحبة قال النووي "الأسيدي" ضبطوه بوجهين أصحهما وأشهرهما ضم الهمزة وفتح السين وكسر الياء المشددة والثاني كذلك إلا أنه بإسكان الياء وهو منسوب إلى بني أسيد بطن من بني تميم قال "وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" هكذا هو في جميع نسخ بلادنا وذكره القاضي عن بعض شيوخه كذلك وعن أكثرهم وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلاهما صحيح لكن الأول أشهر في الرواية وأظهر في المعنى ويؤيده قوله في ملحق الرواية الثانية "عن حنظلة التميمي الأسيدي الكاتب"
(قال لقيني أبو بكر فقال كيف أنت يا حنظلة قال قلت نافق حنظلة) في الرواية الثانية قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعظنا فذكر النار قال ثم جئت إلى البيت فضاحكت الصبيان ولاعبت المرأة قال فخرجت فلقيت أبا بكر فذكرت ذلك له وفي ملحق الرواية الثانية "قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا الجنة والنار ... "
(قال سبحان الله ما تقول قال قلت نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي العين فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا) كأنا رأي عين قال القاضي ضبطناه بالرفع أي كأنا بحال من يراها بعينه قال ويصح النصب على المصدر أي نراها رأي عين اهـ وقوله "عافسنا الأزواج" بالفاء والسين أي حاولنا ذلك ومارسناه واشتغلنا به وعالجنا معايشنا وحظوظنا وروى