لأنه إن كان محسنا فطول عمره يزيد رصيد حسناته وإن كان مسيئا كان طول عمره فرصة لتوبته وتعديل مساره فإن آلمه المرض واشتدت به نكبات الحياة ولم يكن له مفر من تمني الموت فليلاحظ في دعائه التسليم للقضاء والرضا بالقدر وليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي
بهذا يظل المؤمن حسن الظن بالله راضيا بقضاء الله صابرا محتسبا ما يصيبه في دنياه
-[المباحث العربية]-
(لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به) في ملحق الرواية "من ضر أصابه" والخطاب ككل خطاب الشرع إما للمخاطبين الحاضرين وغيرهم ممن على شاكلتهم مكلفون بما كلفوا به ومخاطبون بما خوطبوا به عن طريق القياس وإما أن يكون الخطاب لكل من يتأتى خطابه في كل زمان ومكان
وقوله "من ضر أصابه" حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوي و"من" في قوله "من ضر أصابه" سببية أي بسبب ضر أصابه وفي الرواية الرابعة "لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه"
(فإن كان لا بد متمنيا) الموت وفي رواية للبخاري "فإن كان لا بد فاعلا" وفي رواية أخرى له "فإن كان ولا بد متمنيا للموت"
(فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي) "ما " في "ما كانت الحياة" ظرفية دوامية أي مدة كون الحياة خيرا وعبر بها في جانب الحياة لأنها حاصلة فحسن أن يأتي بالصيغة المقتضية للاتصاف بالحياة ولما كانت الوفاة لم تقع بعد حسن أن يأتي بصيغة الشرط
(لولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لا يتمنين أحدكم الموت لتمنيته) في الرواية الثالثة "لو ما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعوا بالموت لدعوت به" و"لو ما" مثل "لولا" حرف امتناع لوجود أي امتنع دعائي بالموت لوجود النهي
(إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لن يزيد المؤمن عمره إلا خيرا) هذا تعليل للنهي وإشارة إلى أن طول العمر خير من الموت فإنه فرصة للعمل ولفظ التعليل عند البخاري "إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا وإما مسيئا فلعله أن يستعتب" "يستعتب" بضم الياء وفتح التاء الأولى وكسر الثانية أي يرجع عن موجب العتب عليه