يقول لملائكته ماذا يطلبون؟ يقولون الجنة يقول فهل رأوها؟ يقولون لا فيقول كيف حالهم إذا رأوها؟ ومم يستعيذون؟ فيقولون من النار فيقول وهل رأوها؟ فيقولون لا فيقول فكيف إذا رأوها؟ أشهدكم يا ملائكتي أني غفرت لهم
-[المباحث العربية]-
(أنا عند ظن عبدي بي) أي أنا قادر على أن أعمل به ما ظن أني عامل به وقصره الكرماني على الرجاء وقصره القرطبي في المفهم على ظن الإجابة عند الدعاء وظن القبول عند التوبة وظن المغفرة عند الاستغفار وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها تمسكا بصدق وعده ويؤيده حديث ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
(وأنا معه حين يذكرني) في رواية للبخاري وأنا معه إذا ذكرني أي بعلمي كقوله تعالى {إنني معكما أسمع وأرى} [طه 46] وقيل أنا معه بالرحمة والتوفيق والهداية والرعاية وقيل أنا معه في ظنه الذي يظنه بي وذكره لي
(إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) أي إن ذكرني بالتنزيه والتقديس سرا ذكرته بالثواب والرحمة سرا قال تعالى {فاذكروني أذكركم} [البقرة 152] ومعناه اذكروني بالتعظيم أذكركم بالإنعام {ولذكر الله أكبر} [العنكبوت 45] أي أكبر العبادات فمن ذكره وهو خائف آمنه أو مستوحش آنسه {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد 28] ويجوز أن يكون المعنى إن ذكرني خاليا أثبته وجازيته بما لا يطلع عليه أحد
(وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم) الملأ بفتح الميم واللام وبالهمز الجماعة وسيأتي في فقه الحديث خيرية الملأ على أنهم الملائكة
(وإن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) الأصل تقربت منه ذراعا فعبر بإلى التي تفيد الانتهاء وعكس الحرفين من وإلى في الذراع والباع فتبادل الحرفان الموقعين وقد اختلفت الروايات في وضع الحرفين والحروف ينوب بعضها عن بعض
قال ابن بطال وصف سبحانه وتعالى نفسه بأنه يتقرب إلى عبده ووصف العبد بالتقرب إليه ووصفه بالإتيان والهرولة كل ذلك يحتمل الحقيقة والمجاز فحملها على الحقيقة يقتضي قطع المسافات وتداني الأجسام وذلك في حقه تعالى محال فلما استحالت الحقيقة تعين المجاز