وضبطوه في مسلم هنا بوجهين أحدهما هذا والثاني رؤساء بالمد جمع رئيس وكلاهما صحيح والأول أشهر اهـ
والمراد من علم العلماء هنا العلم الديني وهذا لا يمنع انتشار العلوم الأخرى كما أن المراد من العلماء الذين يقبضون العلماء المعرضون للفتوى والذين يلجأ الناس إليهم ويعتقدون في فتواهم فلا يعارضه كثرة علماء الدين في هذه الأيام حتى ولو كانوا متعمقين في العلم لأنهم وقد لبسوا لباسا غير لباسهم أصبحوا مجهولين لا يعرفهم الناس ولا يفيدون منهم ومن لا يؤدي رسالته في حكم المعدوم وقد تصدر للفتوى في هذه الأيام نتيجة لتخلي العلماء المؤهلين عن رسالتهم الجهال فكثرت الفتاوى الضالة المضلة
(عن عروة بن الزبير قال قالت لي عائشة يا ابن أختي بلغني أن عبد الله بن عمرو مار بنا إلى الحج فالقه فسائله فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا قال فلقيته فساءلته) عبد الله بن عمرو كان يكتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة لا يكتب ومن هنا اشتهر بأنه المكثر الأول رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان في ظروف هذا الحديث يسكن مصر وكانت عائشة وابن أختها عروة بن الزبير يسكنان المدينة وقدم عبد الله بن عمرو من مصر إلى مكة مارا بالمدينة في طريقه إلى الحج فلقيه عروة فسأله
(فكان فيما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم ويبقى في الناس رءوسا جهالا يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون فلما حدثت عائشة بذلك أعظمت ذلك وأنكرته) في رواية للبخاري إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه وفي رواية بعد أن أعطاهموه ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم وعند الحميدي من قلوب العباد وعند الطبراني إن الله لا ينزع العلم من صدور الناس بعد أن يعطيهم إياه وفي رواية ألا إن ذهاب العلم ذهاب حملته ثلاث مرات أخرجه أحمد والطبراني وفي رواية عند أحمد والبزار إن قبض العلم ليس شيئا ينزع من صدور الرجال ولكنه فناء العلماء وفي رواية ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم وفي رواية ولكن يقبض العلم بقبض العلماء وفي رواية ولكن يذهب العلماء كلما ذهب عالم ذهب بما معه من العلم حتى يبقى من لا يعلم
(قال عروة ثم لقيت عبد الله بن عمرو على رأس الحول فسألته فرد علينا الحديث كما حدث) في الرواية السادسة قال عروة حتى إذا كان قابل قالت له إن ابن عمرو قد قدم فالقه ثم فاتحه حتى تسأله الحديث الذي ذكره لك في العلم قال فلقيته فسألته فذكر لي نحو ما حدثني به في مرته الأولى قال عروة فلما أخبرتها بذلك قالت ما أحسبه إلا قد صدق أراه لم يزد فيه شيئا ولم ينقص قال النووي ليس معناه أنها اتهمته لكنها خافت أن يكون اشتبه عليه أو قرأه من كتب الحكمة فتوهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فلما كرره مرة أخرى وثبت عليه غلب على ظنها