وأخروية والاتجاهات الدنيوية متعددة وكثير منها مشروع والأخروية أيضا متعددة وكثير من الاتجاهات الأخروية نافعة في الدنيا فتعميم القوة لأعمال الدنيا والآخرة ما دامت مشروعة أولى مما ذهب إليه النووي حيث قال في شرح مسلم والمراد بالقوة هنا عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما على العدو في الجهاد وأسرع خروجا إليه وذهابا في طلبه وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى في كل ذلك واحتمال المشاق في ذات الله تعالى وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات وأنشط طلبا لها ومحافظة عليها ونحو ذلك
(وفي كل خير) التنوين عوض عن المضاف إليه والأصل وفي كليهما خير أي في كل واحد من المؤمن القوي والمؤمن الضعيف خير بالإيمان مع ما يأتي به الضعيف من العبادات وكلمة "خير" استعملت في أول الحديث بمعنى أخير أفعل تفضيل واستعملت هنا بمعنى الوصف الأصلي بدون التفضيل
(احرص على ما ينفعك) بكسر الراء من حرص بفتحها يحرص بكسرها أي زد تمسكا ورغبة فيما ينفعك في الدنيا والآخرة
(ولا تعجز) قال النووي بكسر الجيم وحكى فتحها والمعنى احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك ولا تعجز ولا تكسل على طلب الطاعة ولا عن طلب الإعانة
(وإن أصابك شيء) من البلاء والآلام نتيجة فعل من أفعالك
(فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا) مفعول "فعلت" على هذه الرواية محذوف أي لو أني فعلت كذا كان كذا و"لو" حرف يمتنع به الشيء لامتناع غيره غالبا وستأتي في فقه الحديث هذه القضية بالتفصيل
(ولكن قل قدر الله وما شاء فعل) "قدر الله" بفتح القاف والدال خبر مبتدأ محذوف أي هذا قدر الله ويحتمل أن تكون جملة فعلية بتشديد الدال ومفعولها محذوف أي قدر الله وقوع هذا الأمر ومفعول المشيئة محذوف كما هو الغالب
-[فقه الحديث]-
قال القاضي عياض قال بعض العلماء هذا النهي في قوله "فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا" إنما هو لمن قاله معتقدا ذلك حتما وأنه لو فعل ذلك لم تصبه قطعا فأما من رد ذلك إلى مشيئة الله تعالى بأنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له وما شاء الله له فليس من هذا واستدل بقول