وتصريف القلوب توجيه أحوالها وأغراضها وتحويلها من رأي إلى رأي وفي الكلام استعارة حسنة بتشبيه تمكن الله من تصريف القلوب بتمكن من يقبض على الشيء بأصابعه فخاطب العرب بما يفهمونه ومثله بالمعاني الحسية تأكيدا له في نفوسهم
(اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك) وفي رواية "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
-[فقه الحديث]-
قال النووي هذا من أحاديث الصفات وفيها القولان السابقان أحدهما الإيمان بها من غير تعرض لتأويل ولا لمعرفة المعنى بل يؤمن بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد قال تعالى {ليس كمثله شيء} [الشورى 11]
والثاني: يتأول حسب ما يليق بها فعلى هذا المراد المجاز كما يقال فلان في قبضتي وفي كفي لا يراد به أنه حال في كفه بل المراد تحت قدرتي ويقال فلان بين إصبعي أقلبه كيف شئت أي إنه مني على قهر أتصرف فيه كيف أشاء اهـ
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
1 - أن إعراض القلوب من إرادة وغيرها تقع بخلق الله تعالى
2 - وفيه حجة لمن أجاز تسمية الله تعالى بما ثبت في الخبر ولو لم يتواتر
3 - وجواز اشتقاق اسم الله تعالى من الفعل الثابت
4 - وقال البيضاوي فيه إشعار بأن الله يتولى قلوب عباده ولا يكلها إلى أحد من خلقه
5 - وفي دعائه صلى الله عليه وسلم بذلك إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء ورفع توهم من يتوهم أنهم يستثنون من ذلك وخص نفسه بالذكر إعلاما بأن نفسه الزكية إذا كانت مفتقرة إلى أن تلجأ إلى الله سبحانه فافتقار غيرها ممن هو دونه أحق بذلك
والله أعلم.