الماء فيملأ الواحد حوضه ثم يجعل عليه نطعا يغطيه حتى يسقى منه هو وأصحابه وعلى الآخرين أن يدلوا بدلائهم ويملئوا أحواضهم فسبق إلى البئر جهجاه بن قيس الغفاري من المهاجرين خادم عمر فملأ حوضه وغطاه فجاء الأنصاري سنان بن وبرة الجهني وأرخى زمام ناقته لتشرب من حوض جهجاه

فضربه جهجاه برجله على عجيزته فلطمه سنان وتشابكا وتصارعا واستغاث كل منهما بقومه قال المهاجري يا للمهاجرين وقال الأنصاري يا للأنصار وسمع النبي صلى الله عليه وسلم هاتين الاستغاثتين وهو في خبائه فخرج مغضبا وقال ما هذه العصبية القبلية وما هذه الدعوة الجاهلية ما سببها قالوا له تضارب غلامان مهاجري وأنصاري وانقضت المشكلة فقال لا بأس أن انتهت عند هذا الحد فقد خشيت أن تثار فتنة بين المهاجرين والأنصار ولكن احذروا هذه الدعوى فإنها منتنة وقد أنقذكم الله منها حسنا أن تنصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا حسنا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال تكفونه عن ظلمه وبلغ عبد الله بن أبي زعيم المنافقين ما حصل وأن المهاجري ضرب الأنصاري على دبره فكبر ذلك عليه وغضب فبرز ما في صدره من البغضاء للمسلمين ولرسولهم صلى الله عليه وسلم على لسانه أمام أصحابه المنافقين فقال قد عظم شأن المهاجرين ونحن الذين قويناهم وساعدناهم وما مثلنا ومثلهم إلا كما قيل سمن كلبك يأكلك ثم قال لأصحابه لئن رجعنا إلى المدينة لنخرجنهم منها "ليخرجن الأعز منها الأزل" وكان الصبي زيد بن أرقم قريبا منهم فسمع فأخبر عمه فقام عمه بإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه صلى الله عليه وسلم وسأله فأنكر وحلف أن لم يحصل وقال أصحابه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتصدق صبيا لا يضبط ما يسمع وتكذب سيدنا وكبيرنا فصدقه صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن الكريم يصدق زيدا ويكشف المنافقين فقال عمر دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق قال دعه لئلا يقول الناس إن محمدا يقتل أصحابه

وجاء عبد الله بن عبد الله بن أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له بلغني يا رسول الله أنك تريد قتل أبي فمرني يا رسول الله أن أتيك برأسه ووالله لو أمرتني لأتيتك بها فقال له صلى الله عليه وسلم بل نحسن صحبته

وقبل دخول المسلمين المدينة بمرحلة ألقى ابن أبي لأصحابه المنافقين القنبلة الثانية قنبلة حديث الإفك حين رأى عائشة رضي الله عنها وقد تأخرت عن الجيش تأتي يقود ناقتها صفوان فقال بين أصحابه والله ما نجت منه ولا نجا منها وأخذوا ينفخون النار في عرض عائشة بالمدينة أما عبد الله بن عبد الله بن أبي وهو المؤمن الخالص فقد وقف لأبيه على باب المدينة مشهرا عليه سيفه يقول له والله لأغمدن سيفي ولا أدعك تدخلها حتى تقول محمد الأعز وأنا الأذل فلم يبرح حتى قال ذلك قال له والله لا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم بدخولها فرجع حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه ما صنع ابنه فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن خل عنه يدخل ففعل رضي الله عنه وأرضاه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015