ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" أي الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى الأخروية قال النووي ومعنى نظر الله هنا مجازاته ومحاسبته أي إنما يكون ذلك على ما في القلب دون الصورة الظاهرة ونظر الله محيط بكل شيء قال ومقصود الحديث أن الاعتبار في هذا كله بالقلب وهو من نحو قوله صلى الله عليه وسلم "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب"
(بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) "حسب" بفتح الحاء وسكون السين اسم بمعنى كاف يقال مررت برجل حسبك من رجل أي كافيك واسم فعل يقال حسبك هذا أي اكتف به وفي المثل حسبك من شر سماعه أي يكفيك أن تسمعه لتشمئز منه والمعنى هنا أن احتقار المسلم للمسلم يبلغ في شره الكثير الذي يكفي كل شرير
(كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) "دمه وماله وعرضه" بدل من "كل" أي دم المسلم حرام ومال المسلم حرام وعرض المسلم حرام والعرض موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه أو من يلزمه أمره والجملة كالتذييل لما قبلها
-[فقه الحديث]-
في الحديث حرمة دم المسلم وماله وعرضه والحث على مساعدة المسلم للمسلم على رفع الظلم وتخفيف البلاء والحث على الاهتمام بالقلوب وأن يصدر المسلم في أعماله عن تقواها وخوفها من الله فيأتمر بالأوامر ظاهرا وباطنا ويجتنب النواهي ظاهرا وباطنا وفي الحديث الحث على عدم احتقار المسلم للمسلم لا يحتقر عمله ولا يحتقر كلامه ولا يحتقر مظهره ولا يحتقر عطاءه وهويته ولا يحتقر فقره فكل ذلك شر وظلم عاقبته وخيمة وفيه قصاص يوم القيامة
والله أعلم.