(سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر) بكسر الباء، وتشديد الراء، أي عن معناه المراد شرعا، في مثل قولنا: بر الوالدين.
(البر حسن الخلق) قال العلماء: البر يكون بمعنى الصلة، وبمعنى اللطف والمبرة، وبمعنى حسن الصحبة، والعشرة وبمعنى الطاعة، وهذه الأمور هي مجامع حسن الخلق. وانظر أول المباحث العربية في باب بر الوالدين.
(والإثم) في اللغة الذنب الذي يستحق العقوبة، وجمعه آثام، يقال: أثم بكسر الثاء، يأثم بفتحها، إذا وقع في الإثم، فهو أثم وآثم. والسؤال ليس عن أنواع الإثم، وإنما عن الأوصاف التي يعرف بها الإثم، لتجتنب.
(الإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس) أي ما تحرك وتردد في صدرك، ولم تنشرح لفعله، وحصل منه الشك في القلب، وخشيت أن يعرفه عنك الناس، لاحتمال كونه ذنبا، وهذا المقياس خاص بصفوة المؤمنين، فغيرهم قد ينشرح صدره للآثام.
(أقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة سنة) هو معدود في الشاميين، والمعنى أنه أقام بالمدينة، كالزائر والضيف سنة، من غير أن ينتقل إليها استيطانا وإقامة وهجرة.
(ما يمنعني من الهجرة إلا المسألة، كان أحدنا إذا هاجر لم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول أمره بالمدينة يطلب من الصحابة أن يسألوا، ويشجعهم على السؤال، فلما أكثروا، وسألوه عما يفيد وعما لا يفيد، حتى سأل بعضهم عن أبيه الذي مات، أهو في الجنة أم في النار؟ فنزل قوله تعالى {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [المائدة: 101] فكان خوفهم من الوقوع في المحاذير بسؤالهم مانعا من سؤالهم، وكان يعجبهم أن يجيء الرجل العاقل من البادية، لا يعلم النهي عن السؤال، فيسأل، فيستفيدون من السؤال والجواب، علم سمعان أنه يسمح بالسؤال للطارئين، دون المهاجرين المقيمين، فكانت رغبته في السؤال عن أمور دينه باعثا له على عدم نية الإقامة والهجرة.
-[فقه الحديث]-
1 - فيه فضيلة للنواس بن سمعان.
2 - وفيه استفتاء القلب فيما لا نص فيه.
3 - والبعد عن كل ما يخاف أن يطلع الناس عليه.
والله أعلم