صدرها، أمكن الجمع بين الروايات بأنه طعن الصبي، وطعنها في بطنها، ومسح رأس الغلام، وذهب إلى الشجرة، وحصل كل ذلك ولا تعارض، والمستبعد القول بتعدد القصة، أو أنه استنطق الغلام في بطنها مرة، وبعد أن ولد مرة أخرى.
(قال: أبي راعي الضأن) في الرواية الثانية "قال: فلان الراعي" وفي رواية "قال: الراعي" وفي رواية "أنا ابن الراعي" وفي رواية "قال: راعي الغنم".
وفي رواية "قال: يا بابوس. من أبوك؟ قال: راعي الغنم". وقوله: "يا بابوس" بباءين بينهما ألف ساكنة قيل: معناه الصغير، وقيل: معناه الرضيع، وأغرب الأقوال أنه اسم ذلك الولد.
(فلما سمعوا ذلك منه) أي من الطفل.
(قالوا: نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة، قال: لا) في الرواية الثانية "فأقبلوا على جريج يقبلونه، ويتمسحون به، وقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب؟ قال: لا" وفي رواية "فقال له الملك: نبني صومعتك من ذهب؟ قال: لا. قال: من فضة؟ قال: لا" وفي رواية "فوثبوا إلى جريج فجعلوا يقبلونه" وفي رواية "فسبح الناس وعجبوا" وفي رواية "فأبرأ الله جريجا، وأعظم الناس أمر جريج".
(ولكن أعيدوه ترابا، كما كان) أي بالطين، وفي الرواية الثانية "أعيدوها من طين كما كانت" وعند البخاري "لا. إلا من طين". قال ابن مالك: في هذا شاهد على حذف المجزوم بلا، فإن التقدير لا تبنوها إلا من طين.
(لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة) ذكر مسلم في هذا الحديث عيسى ابن مريم، وصبي جريج، وصبي المرأة، لكن عند أحمد والبزار وابن حبان والحاكم "لم يتكلم في المهد إلا أربعة، فلم يذكر الثالث الذي هنا، وذكر شاهد يوسف، والصبي الرضيع الذي قال لأمه - وهي ماشطة فرعون، لما أراد فرعون إلقاء أمه في النار - "اصبري يا أمه، فإنا على الحق". قال الحافظ ابن حجر: فيجتمع من هذا خمسة، وعند مسلم في قصة أصحاب الأخدود "أن امرأة جيء بها لتلقى في النار، أو لتكفر، ومعها صبي يرضع، فتقاعست، فقال لها: يا أمه. اصبري، فإنك على الحق". وزعم الضحاك في تفسيره أن يحيى تكلم في المهد، أخرجه الثعلبي، فإن ثبت صاروا سبعة، ذكر البغوي في تفسيره أن إبراهيم الخليل عليه السلام تكلم في المهد، وفي سير الواقدي أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم أوائل ما ولد.
قال القرطبي: في هذا الحصر "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة" نظر، إلا أن يحمل على أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل أن يعلم الزيادة على ذلك. وفيه بعد، قال: ويحتمل أن يكون كلام الثلاثة المذكورين مقيدا بالمهد، وكلام غيرهم من الأطفال بغير مهد اهـ. والمراد من المهد السرير أو الفراش الذي يهيأ للطفل لينام، ويلحق به هنا صدر الأم وحضنها.
(وبينا صبي يرضع من أمه فمر رجل راكب) "بين" ظرف زمان زيدت عليه الألف، خافض لشرطه بالإضافة، منصوب بجوابه، والتقدير: مر رجل راكب على دابة وقت رضاعة صبي من أمه.