نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله. قال: "فهل من والديك أحد حي؟ " قال: نعم. بل كلاهما. قال: "فتبتغي الأجر من الله؟ " قال: نعم. قال: "فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما".
-[المعنى العام]-
الوالدان هما المصدر الثاني للوجود بعد الله سبحانه وتعالى، لهذا قرنهما الله تعالى بنفسه في وجوب الشكر، حيث يقول {أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير} [لقمان: 14] وقرنهما بنفسه سبحانه وتعالى حين أمر بطاعته وعبادته، فقال {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} [النساء: 36] وقال {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} [الإسراء: 23] وقرن صلى الله عليه وسلم عقوقهما بالإشراك بالله، حين سرد أكبر الكبائر، فقال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين" وبر الوالدين رمز للوفاء والاعتراف بالحق لصاحب الحق، ورمز للشكر على المنعم بنعمه، والحديث يقول: "لم يشكرني من لم يشكر من أجريت النعمة على يديه". كما جعل صلى الله عليه وسلم كثرة العقوق علامة من علامات آخر الزمان وظهور الفتن وانقلاب الأحوال، وقد رسم القرآن الكريم مظاهر بر الوالدين، بقوله {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} [الإسراء: 23، 24]
وهذا البر مهما بلغ لا يكافئ فضل الآباء على الأبناء، فالرجل الذي حمل أمه ساعات، يمشي بها على الرمال الحارقة التي لو وضعت عليها اللحم لنضجت، يحمي رجليها من الاحتراق، ويعرض رجليه هو للاحتراق، سأل: هل جازيت بذلك أمي؟ فأجيب: لعلك كافأتها بذلك عن طلقة واحدة، ونخسة واحدة من نخساتك لها عند ولادتك وفي الصحيح "لن يجزي ولد والده، حتى يجده مملوكا، فيشتريه، فيعتقه".
وبر الوالدين مقدم على الجهاد تطوعا، وعلى التطوع بالصلاة والصوم، لأنه واجب عيني، والتطوع بالجهاد أصله واجب كفائي.
وستأتي أحاديث كثيرة في الأبواب الآتية تؤكد حق الوالدين، وفضل رضاهما على الأبناء مما يلزم الأبناء ببرهما، حماية لأنفسهم، ولعقبهم، وابتغاء رضوان الله تعالى وإحسانه.
-[المباحث العربية]-
(كتاب البر) قال أهل اللغة: بررت والدي، بكسر الراء الأولى، أبره بضمها مع فتح الباء، برا،