الذي كان في السنح من عوالي المدينة، وضواحيها، وقد جاء في بعض الروايات "وأمر بسد الأبواب إلا باب علي" وسنتعرض لها في فقه الحديث، ورواية مسلم "لا تبقين" بضم التاء مع نون التوكيد مبني للمجهول، و"خوخة" بالرفع نائب فاعل، أي لا تبقى خوخة، أي لا تبقوا خوخة.
وفي رواية للبخاري "لا يبقين" بفتح الياء الأولى، مبني للمعلومات أي لا تبقى خوخة كأنه قال: لا تبقوها حتى لا تبقى فأضيف النهي إلى الخوخة، والمراد نهيهم عن إبقائها، من إضافة الشيء إلى لازمه.
وفي رواية البخاري "لا يبقين باب إلا سد، إلا باب أبي بكر" وقد ادعى بعضهم أن الباب في الحديث كناية عن الخلافة، والأمر بالسد كناية عن طلبها كأنه قال: لا يطلبن أحد الخلافة إلا أبا بكر، فإنه لا حرج عليه في طلبها. وإلى هذا جنح ابن حبان.
(عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل) ذكر ابن سعد أن جمعا من قضاعة تجمعوا، وأراد أن يدنوا من أطراف المدينة، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص فعقد له لواء أبيض وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار، ثم أمده بأبي عبيدة بن الجراح في مائتين، وأمره أن يلحق بعمرو وأن لا يختلفا، فأراد أبو عبيدة أن يؤم، فمنعه عمرو، وقال: إنما قدمت على مددا، وأنا الأمير، فأطاع له أبو عبيدة، فصلى بهم عمرو، وروى الحاكم "أن عمرو بن العاص أمرهم في تلك الغزوة أن لا يوقدوا نارا، وذلك في ليلة باردة، فأنكر عمر ذلك، فقال له أبو بكر: دعه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعثه علينا إلا لعلمه بالحرب فسكت عنه" وروى ابن حبان نحو هذا وفي رواية "فقال عمرو: لا يوقد أحد منكم نارا إلا قذفته فيها، فلقوا العدو، فهزموهم، فأرادوا أن يتبعوهم، فمنعهم، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال: كرهت أن آذن لهم أن يوقدوا نارا، فيرى عدوهم قلتهم، وكرهت أن يتبعوهم، فيكون لهم مدد هناك. فحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، فقال: يا رسول الله، من أحب الناس إليك؟ .. الحديث، وكانت الغزوة في أوائل السنة الثامنة، عقب إسلام عمرو بن العاص فعند أبي عوانة وابن حبان والحاكم "قال عمرو بن العاص: بعث إلي النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني أن آخذ ثيابي وسلاحي فقال: يا عمرو، إني أريد أن أبعثك على جيش، فيغنمك الله ويسلمك. قلت: إني لم أسلم رغبة في المال. قال: "نعم المال الصالح للرجل الصالح".
(فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة. قلت: من الرجال؟ قال: أبوها. قلت: ثم من؟ قال: عمر. فعد رجالا) كان هذا الإتيان بعد عودته من الغزوة، وبعد سؤاله صلى الله عليه وسلم عما حدث فيها، وتبين رواية البيهقي دوافعه إلى هذا السؤال ولفظها "قال عمرو: فحدثت نفسي أنه لم يبعثني على قوم فيهم أبو بكر وعمر، إلا لمنزلة لي عنده" وقوله "فعد رجالا" أي ذكر أسماء بعد أبي بكر وعمر، ولم يذكره في أحب الناس إليه والظاهر أن ممن عدهم أبا عبيدة المذكور في الرواية التاسعة والذي جعلته عائشة ثالث وآخر من ذكر، زاد في رواية علي بن عاصم "قال: قلت في نفسي: لا أعود لمثلها، أسأل عن هذا" وفي المغازي "فسكت، مخافة أن يجعلني في آخرهم" وقيل: إن عليا رضي الله عنه كان ممن أبهمه عمرو بن العاص، وتقول الرافضة: إن إبهامه عليا كان لما بينه وبينه، رضي الله عنهم.