إني أعلم بالخير منه، أو عند من هو؟ إن في الأرض رجلا، هو أعلم منك" أي كان حقه أن يقول: والله أعلم، فيرد العلم لله.
"ومجمع البحرين" ملتقاهما، قيل: هما بحر فارس والروم، والمراد مكان يقرب من التقائهما، وإلا فهما لا يلتقيان إلا في البحر المحيط، وهما شعبتان منه، قيل: عند طنجة، قيل: الكر والرس بأرمينية.
(قال موسى: أي رب. كيف لي به؟ ) في الرواية الثالثة عشرة "قال: يا رب، فدلني عليه" وفي رواية للبخاري "فسأل موسى السبيل إليه".
(فقيل له: احمل حوتا في مكتل، فحيث تفقد الحوت، فهو ثم) بفتح الثاء، أي هناك، والحوت السمكة وكانت السمكة مالحة، ففي الرواية الثالثة عشرة "تزود حوتا مالحا" والمكتل بكسر الميم وسكون الكاف وفتح التاء هو القفة والزنبيل، وفي رواية للبخاري "تأخذ حوتا، فتجعله في مكتل، حيثما فقدت الحوت فهو ثم" وفي رواية أخرى له "فجعل له الحوت آية، وقيل له: إذا فقدت الحوت فارجع، فإنك ستلقاه".
(فانطلق، وانطلق معه فتاه، وهو يوشع بن نون، فحمل موسى عليه السلام حوتا في مكتل، وانطلق هو وفتاه يمشيان، حتى أتيا الصخرة، فرقد موسى عليه السلام وفتاه، فاضطرب الحوت في المكتل، حتى خرج من المكتل، فسقط في البحر) ومعنى "فتاه" صاحبه. و"نون" مصروف، مثل نوح. وفي الرواية الثالثة عشرة "حتى انتهيا إلى الصخرة، فعمي عليه، فانطلق وترك فتاه، فاضطرب الحوت في الماء، فجعل" الماء "لا يلتئم عليه" أي لا يغطيه و"صار مثل الكوة" أي الفتحة أو الفجوة.
(وأمسك الله عنه جرية الماء) فبقي في فجوة ظاهرا، والجرية بكسر الجيم.
(فكان مثل الطاق) كوة تتخذ في الحائط، غير نافذة توضع فيها الأشياء.
(فكان للحوت سربا) أي مسلكا، كالسرب، وهو النفق.
(وكان لموسى وفتاه عجبا) أي بعد أن رجعا إلى المكان ورأياه، فهذا الكلام مقدم من تأخير.
(فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، ونسي صاحب موسى أن يخبره، فلما أصبح موسى عليه السلام قال لفتاه: {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا}) في الرواية الثالثة عشرة "فجعل" الماء لا يلتئم عليه، صار مثل الكوة، فقال فتاه: ألا ألحق نبي الله فأخبره؟ قال: فنسي "وفي القرآن الكريم {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما} أي حال حوتهما، أي نسي موسى وجوده أو عدم وجوده في المكتل، ونسي فتاه أن يخبر موسى بوقوعه في البحر، وقيل: إن الناسي هو فتاه لا غير، نسي أن يخبر موسى بخبر الحوت، والشيء قد ينسب إلى الجماعة، وإن كان الذي فعله واحدا.
({قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره}) أي وما أنساني ذكر أمره لك إلا الشيطان.