يوم القيامة، فأصعق معهم" قال العلماء: المراد بالصعق غشي يلحق من سمع صوتا، أو رأى شيئا يفزع منه، قال الحافظ ابن حجر: وهذه الرواية "ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث" ظاهر في أن الإفاقة بعد النفخة الثانية، وأصرح منها رواية "إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الأخيرة" قال: وأما ما وقع في حديث أبي سعيد "فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من تنشق عنه الأرض" فهو وهم من الرواة - كما قال المحققون - والصواب ما وقع في رواية غيره "فأكون أول من يفيق" وأن كونه صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض صحيح، لكنه في حديث آخر، ليس في قصة موسى، قال: ويمكن الجمع بأن النفخة الأولى يعقبها الصعق من جميع الخلق، أحيائهم وأمواتهم، وهو الفزع، ثم يعقب ذلك الفزع للموتى زيادة فيما هم فيه، وللأحياء موتا، ثم ينفخ الثانية للبعث، فيفيقون أجمعون، فمن كان مقبورا انشقت عنه الأرض، فخرج من قبره، ومن ليس بمقبور لا يحتاج إلى ذلك، وقد ثبت أن موسى ممن قبر في الحياة الدنيا.

قال الحافظ ابن حجر: وقد استشكل كون جميع الخلق يصعقون - أي يغشى عليهم من الفزع - مع أن الموتى لا إحساس لهم، فقيل: المراد أن الذين يصعقون هم الأحياء، وأما الموتى فهم في الاستثناء في قوله {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} [الزمر: 68] أي إلا من سبق له الموت قبل ذلك، فإنه لا يصعق، وإلى هذا جنح القرطبي، ولا يعارضه ما ورد في هذا الحديث أن موسى ممن استثنى الله، لأن الأنبياء أحياء عند الله، وإن كانوا في صورة الأموات بالنسبة إلى أهل الدنيا، وقد ثبت ذلك للشهداء، ولا شك أن الأنبياء أرفع رتبة من الشهداء، وورد التصريح بأن الشهداء ممن استثنى الله، وقال عياض: يحتمل أن يكون المراد صعقة فزع بعد البعث، حين تنشق السماء والأرض، وتعقبه القرطبي بأنه صلى الله عليه وسلم صرح بأنه حين يخرج من قبره يلقى موسى، وهو متعلق بالعرش، وهذا إنما يكون عند نفخة البعث، اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: ويرده قوله صريحا - كما تقدم - "إن الناس يصعقون، فأصعق معهم" إلى آخر ما تقدم، قال: ويؤيده أنه عبر بقوله "أفاق" لأنه إنما يقال: أفاق من الغشي، وبعث من الموت، وكذا عبر عن صعقة الطور بالإفاقة، لأنها لم تكن موتا بلا شك، وإذا تقرر ذلك كله ظهر صحة الحمل على أنها غشية، تحصل للناس في الموقف. اهـ.

وقوله في الرواية السادسة "فإذا موسى باطش بجانب العرش" أي آخذ بجانب من العرش بقوة، والبطش الأخذ بقوة، أما قوله في الرواية الخامسة "فإذا موسى آخذ بالعرش" أي آخذ ببعض قوائم العرش، ففي رواية "آخذ بقائمة من قوائم العرش".

(مررت على موسى، وهو يصلي في قبره) يراجع شرح هذا في كتاب الإيمان، من كتابنا.

(ولا أقول: إن أحدا أفضل من يونس بن متى عليه السلام) كذا في الرواية الخامسة، وفي الرواية السابعة والثامنة "يقول الله تبارك وتعالى: لا ينبغي لعبد لي - أو لعبدي - أن يقول: أنا خير من يونس ابن متى، عليه السلام" وفي رواية البخاري "لا يقولن أحدكم إني خير من يونس" والضمير في "إني" للرسول صلى الله عليه وسلم.

وارتباط النهي عن تفضيله صلى الله عليه وسلم بالكلام عن موسى إنما هو ارتباط النهي عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015