وظاهره أنه خلع كل ثيابه قبل دخوله في الماء، وأنه دخل في الماء عريانا، وعليه بوب البخاري في الغسل "من اغتسل عريانا" لكن عند أحمد "أن موسى كان إذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه، حتى يواري عورته في الماء" فالمراد من وضع ثوبه على الحجر وضع بعض ثيابه، ويساعد هذا المعنى رواية تنكير الثياب عند الكشميهني "فوضع ثيابا له" ونقل ابن الجوزي عن الحسن بن أبي بكر النيسابوري أن موسى نزل إلى الماء مؤتزرا، فلما خرج تتبع الحجر، والمئزر مبتل بالماء، فعلموا عند رؤيته أنه غير آدر، لأن الأدرة تظهر تحت الثوب المبلول بالماء. قال الحافظ ابن حجر: هذا القول محتمل، لكن المنقول خلافه.

(ففر الحجر بثوبه) في الرواية الثانية "فانطلق الحجر يسعى" وبينت رواية البخاري أن انطلاق الحجر كان بعد أن اغتسل موسى، ولفظها "فوضع ثيابه على الحجر، ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر عدا بثوبه" وفيها "وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى".

(فجمح موسى بأثره، يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر) "جمح" بالحاء، أي ذهب مسرعا إسراعا بليغا وروي "فخرج" ومعنى "ثوبي حجر" دع ثوبي يا حجر، أو أعطني ثوبي يا حجر وعند البخاري "ثوبي يا حجر" ومخاطبة الحجر أمر عادي يحصل عند الدهشة، كأنه كلام نفسي، أو أنه أجراه مجرى من يعقل، لكونه فر بثوبه، فانتقل عنده من حكم الجماد إلى حكم من يعقل، فناداه، فلما لم يعطه ضربه، وقريب من هذا قول بعضهم: يحتمل أنه كان يعتقد أن في الحجر تمييزا، يدرك به النداء، بقدرة الله، وعند البخاري "فأخذ موسى عصاه، وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر. ثوبي حجر"

(حتى نظرت بنو إسرائيل إلى سوءة موسى، فقالوا: والله ما بموسى من بأس، فقام الحجر بعد، حتى نظر إليه، قال: فأخذ ثوبه، فطفق بالحجر ضربا) "ضربا" منصوب على المصدر، أي يضربه ضربا وفي رواية للبخاري "حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عريانا، أحسن ما خلق الله، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه" وظاهره أنهم رأوا جسده، وترتيب الأحداث على هذا واضح، فضرب موسى للحجر كان بعد أن وقف الحجر، وأخذ موسى ثيابه ولبسها، فروايتنا الثانية، في قولها "واتبعه موسى بعصاه، يضربه، ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى وقف على ملأ من بني إسرائيل" فيها تقديم وتأخير، إذ لو تمكن موسى من ضرب الحجر لتمكن من أخذ ثيابه، قبل الوقوف على بني إسرائيل.

قال ابن الجوزي: والذي يظهر أنه استمر يتتبع الحجر على ما في الخبر، حتى وقف على مجلس لبني إسرائيل، كان فيهم من قال فيه من قال، وبهذا تظهر الفائدة، وإلا فلو كان الوقوف على قوم منهم في الجملة لم يقع ذلك الموقع اهـ.

وعند ابن مردويه وابن خزيمة "فقالت بنو إسرائيل: قاتل الله الأفاكين، وكانت براءته"

(قال أبو هريرة: والله إنه بالحجر ندب، ستة أو سبعة، ضرب موسى عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015