11 - وفيه وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، والرضا بحكمه، والتسليم لأمره.
12 - وفيه إدلال الرسول صلى الله عليه وسلم على بعض أصحابه، فإن ما أشار به صلى الله عليه وسلم على الزبير كان إدلالا عليه، لعلمه بأنه يرضى بذلك، ويؤثر الإحسان.
13 - ومن الرواية الثانية والثالثة النهي عن كثرة الاستفصال، وعن كثرة التنقيب الذي قد يفضي إلى مثل ما وقع لبني إسرائيل.
14 - استدل قوم بإطلاق النهي، وتقييد الأمر بالاستطاعة على عموم النهي، وقالوا: الإكراه على ارتكاب المعصية لا يبيحها، قال الحافظ ابن حجر: والصحيح عدم المؤاخذة، إذا وجدت صورة الإكراه المعتبرة، واستثنى بعض الشافعية من ذلك الزنا، فقال: لا يتصور الإكراه عليه، وكأنه أراد التمادي فيه، وإلا فلا مانع أن ينتشر الرجل بغير سبب، فيكره على الإيلاج حينئذ، فيولج في الأجنبية، فإن مثل ذلك ليس بمحال، ولو فعله مختارا كان زانيا، فتصور الإكراه على الزنا في الرجل، أما في المرأة فإكراهها على الزنا ممكن.
15 - واستدل به من قال: لا يجوز التداوي بشيء محرم كالخمر، ولا دفع العطش بالخمر ولا إساغة الغصة بالخمر، قال الحافظ ابن حجر: والصحيح عند الشافعية جواز الثالث، حفظا للنفس، فصار كأكل الميتة لمن اضطر، بخلاف التداوي، فإنه ثبت النهي عنه نصا، ففي مسلم "إنه ليس بدواء، ولكنه داء" وعند أبي داود "ولا تداووا بحرام" و"إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها" وأما العطش، فإنه لا ينقطع بشربها، ولأنه في معنى التداوي، والتحقيق أن الأمر باجتناب المنهي على عمومه، ما لم يعارضه إذن في ارتكاب منهي، كأكل الميتة للمضطر، وقال الفكهاني: لا يتصور امتثال اجتناب المنهي، حتى يترك جميعه، فلو اجتنب بعضه لا يعد متمثلا، بخلاف الأمور.
وقال هنا ابن فرج إن النهي يقتضي الأمر، فلا يكون متمثلا لمقتضى النهي حتى لا يفعل واحدا من آحاد ما يتناوله النهي، بخلاف الأمر، فإنه على عكسه، ومن ثم نشأ الخلاف، هل الأمر بالشيء نهي عن ضده؟ وهل النهي عن الشيء أمر بضده؟ والتفاصيل في كتب الأصول.
16 - وعن قوله "وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم" قال النووي: هذا من جوامع الكلم، وقواعد الإسلام، ويدخل فيه كثير من الأحكام، كالصلاة لمن عجز عن ركن منها أو شرط، فيأتي بالمقدور، وكذا الوضوء، وستر العورة، وحفظ بعض الفاتحة، وإخراج بعض الزكاة لمن لم يقدر على الكل، والإمساك في رمضان لمن أفطر بالعذر، ثم قدر في أثناء النهار، إلى غير ذلك من المسائل التي يطول شرحها، وقال غيره: إن من عجز عن بعض الأمور لا يسقط عنه المقدور، وعبر عنه بعض الفقهاء بأن الميسور لا يسقط بالمعسور.
17 - قال الحافظ ابن حجر: واستدل به على أن من أمر بشيء، فعجز عن بعضه، ففعل المقدور، أنه يسقط عنه ما عجز عنه، وبذلك استدل المزني على أن "ما وجب أداؤه لا يجب قضاؤه" ومن ثم كان الصحيح أن القضاء بأمر جديد.