بنو قريظة قد عاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تعين عليه من يحاربه، فنكثت العهد، وأعانت قريشا على حربه في غزوة الخندق، فكان صلى الله عليه وسلم يخشى على أصحابه من غدر اليهود، أن ينفردوا بأحد المسلمين في المدينة، فأوصى هذا الفتى بالحذر منهم، وذكر الراوي هذه القضية ليبين كيف أن الفتى كاد يستخدم سلاحه ضد زوجته.

(فإذا امرأته بين البابين قائمة) كانت غيرة العرب على نسائهم، وبخاصة حديثة العرس، تمنع الزوجة من البروز في فناء الدار وتحدد إقامتها في دائرة الحريم. حجرة النوم وما حولها من حجرات، فوجد الفتى امرأته قد خرجت من الدائرة المحددة لها، ووقفت في فناء الدار بين باب الحريم والباب العام للبيت.

(فأهوى إليها الرمح) أي رفع رمحه، وصوبه نحوها، يريد طعنها به.

(اكفف عليك رمحك) أي اضمم إليك رمحك، يقال: كف الشيء يكفه بضم الفاء، إذا ضم بعضه إلى بعض.

(فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش) أي ملتف بعضها حول بعض، فوق فراش زوجته.

(فأهوى إليها بالرمح، فانتظمها به) أي طعنها به وضم بعضها إلى بعض، أي فصارت كومة فظنها قد ماتت، ولم تكن ماتت.

(ثم خرج فركزه في الدار) مطمئنا، فلا حاجة له به.

(فاضطربت عليه) أي تحركت على غير نظام، وهاجمته، وأصابته بسمها، ثم وقعت ميتة ووقع الفتى ميتا.

(فما يدرى. أيهما كان أسرع موتا؟ الحية؟ أم الفتى؟ ) "فما يدرى" بضم الياء، مبني للمجهول، أي فما يدري أحد، أيهما كان أسبق موتا؟ لسرعة موتهما.

(ادع الله يحييه لنا) لمحبتنا له، واعتزازنا به، و"يحييه" مؤول بمصدر من غير سابك، مجرور بحرف جر، والتقدير: ادع الله بإحيائه لنا.

(إن بالمدينة جنا، قد أسلموا) وأنهم يتشكلون بالأفاعي والحيات.

(فإذا رأيتم منهم شيئا) على هيئة حية.

(فآذنوه ثلاثة أيام) أي آذنوه وأعلموه وأنذروه أن لا يعود للظهور، وأعطوه مهلة ثلاثة أيام، وفي الرواية الثالثة عشرة "حرجوا عليها ثلاثا" بفتح الحاء وتشديد الراء المكسورة، أي ضيقوا عليها بإنذارها.

(فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان) أي متمرد، وفي الرواية الثالثة عشرة "فإن ذهب، وإلا فاقتلوه، فإنه كافر" جواب الشرط الأول، وفعل الشرط الثاني محذوفان، والتقدير: فإن ذهب ولم يرجع سلم منكم وسلمتم منه، وإن لم يذهب ورجع إليكم فاقتلوه. قال النووي: قال العلماء: معناه إذا لم يذهب بالإنذار، علمتم أنه ليس من عوامر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015