أو أحكم، قال الحافظ ابن حجر: الذي يظهر اعتبار السن، لأنه الظاهر، من قبيل تقديم الحقيقة على المجاز. اهـ
(د) ومثل ذلك إذا كان الكبير راكباً، والصغير ماشياً؟ قال ابن دقيق العيد: يبدأ الراكب، لأن محل بدء الصغير السلام على الكبير إذا التقيا، راكبين، أو ماشيين.
(هـ) إذا تساوى المتلاقيان من كل جهة فكل منهما مأمور بالابتداء، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، كما في المتهاجرين، وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد، بسند صحيح، من حديث جابر، قال: "الماشيان إذا اجتمعا فأيهما بدأ بالسلام فهو أفضل" وأخرج الطبراني من حديث أبي الدرداء "قلنا: يا رسول الله، إنا نلتقي، فأينا يبدأ بالسلام؟ قال: أطوعكم لله".
5 - أما المتفرقات فمنها:
(أ) من سمع سلاماً في المذياع الصوتي أو المرئي أو قرأ سلاماً في خطاب، هل يجب عليه الرد؟ الظاهر وجوب الرد، لأن السلام -على المشهور- دعاء بالأمن والرحمة، فإذا حيا المذيع السامعين، أو حيا المرسل المرسل إليه، بهذه التحية، لزمهم أن يحيوه بمثلها، أو بأحسن منها، وأن يدعوا له بمثلها أو أحسن منها، أما اشتراط إسماع الرد فهو حيث أمكن، لما في ذلك من تطييب الخاطر، وشرح الصدر، ومقابلة الإحسان بالإحسان، أما إذا لم يمكن الإسماع فالخير الدعاء بظهر الغيب.
(ب) المصافحة وأخذ اليد في اليد حين السلام، أخرج البخاري. قال ابن مسعود: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد، وكفي بين كفيه" وقال كعب بن مالك: "دخلت المسجد، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إلى طلحة بن عبيد الله يهرول، حتى صافحني، وهنأني" وعن قتادة: قلت لأنس: أكانت المصافحة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم" وأخرج الترمذي بإسناد حسن، عن أنس رضي الله عنه، قال: "قيل: يا رسول الله، الرجل يلقى أخاه، أينحني له؟ قال: لا. قال: فيأخذ بيده، ويصافحه؟ قال: نعم" قال ابن بطال: المصافحة حسنة عند عامة العلماء، وقد استحبها مالك، بعد كراهته. وقال النووي المصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي، وقد أخرج أحمد وأبو داود والترمذي، عن البراء، رفعه "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان، إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا".
قال النووي: وأما تخصيص المصافحة بما بعد صلاتي الصبح والعصر فقد مثل بها ابن عبد السلام البدعة المباحة، قال النووي: وأصل المصافحة سنة، وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال، لا يخرج ذلك عن أصل السنة. قال الحافظ ابن حجر: ويستثنى من عموم الأمر بالمصافحة المرأة الأجنبية.
(جـ) تقبيل اليد، وأجازه جمهور العلماء، واحتجوا بما روي عن عمر، أنهم "لما رجعوا من الغزو -حيث فروا- قالوا: نحن الفرارون، فقال: بل أنتم العكارون -أي الكرارون الراجعون- إنا فئة المؤمنين، قال: فقبلنا يده" "وقيل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد النبي صلى الله عليه وسلم، حين تاب الله عليهم" أخرجه ابن المقري والبيهقي في الدلائل، وذكره