(وقال: لا ينقش أحد على نقش خاتمي هذا) وفي الرواية السادسة "اتخذ خاتماً من فضة ونقش فيه: محمد رسول الله. وقال للناس: إني اتخذت خاتماً من فضة، ونقشت فيه: محمد رسول الله، فلا ينقش أحد على نقشه" والظاهر أن الصحابة كانوا قد بادروا بنقش "محمد رسول الله" على خواتيمهم اعتزازاً بالشهادة، فلما قرر أن يختم به لزم أن لا يشركه أحد على نقشه، فرمى به، ليرموا بخواتيمهم المنقوشة على اسمه، ونهى الناس أن ينقشوا نقشه، فلما عدمت خواتيمهم برميها رجع إلى خاتمه الخاص به، فصار يختم به.
أما الصحابة فقد نقش بعضهم نقوشاً أخرى، وبعضهم لم ينقش شيئاً، فعند ابن أبي شيبة أن ابن عمر نقش على خاتمه: عبد الله بن عمر، وكذا القاسم بن محمد، ونقش كل من حذيفة وأبي عبيدة "الحمد لله" ونقش علي "والله الملك" ونقش بعضهم "بالله" وبعضهم "بسم الله" وبعضهم "العزة لله" وكان مالك يقول: من شأن الخلفاء والقضاة نقش أسمائهم في خواتمهم.
(فكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر، ثم كان في يد عمر، ثم كان في يد عثمان) أي في حيازة كل منهم في إصبع يدهم، أو في ملكهم وتصرفهم، وفي رواية ابن سعد عن الأنصاري "معيقيب" "ثم كان في يد عثمان ست سنين، فلما كان في الست الباقية كنا معه على بئر أريس .. ".
(حتى وقع منه في بئر أريس) بفتح الهمزة وكسر الراء، على وزن عظيم، وهي في حديقة بالقرب من مسجد قباء، وظاهر هذه الرواية أن الخاتم وقع في البئر من عثمان رضي الله عنه، وفي ملحق الرواية الرابعة "حتى وقع في بئر أريس" ولم تذكر "منه" وفي الرواية الخامسة "وهو الذي سقط من معيقيب في بئر أريس" وفي رواية للبخاري "حتى وقع من عثمان في بئر أريس" وفي رواية للبخاري "فلما كان عثمان جلس على بئر أريس، فأخرج الخاتم، فجعل يعبث به، فسقط، قال أنس: فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان، فننزح البئر، فلم نجده".
وفي رواية ابن سعد "فجعل يحوله في يده ... فطلبناه مع عثمان ثلاثة أيام، فلم نقدر عليه" وعند أبي داود والنسائي "فاتخذ عثمان خاتماً، ونقش فيه: محمد رسول الله، فكان يختم به" قال الحافظ ابن حجر يحتمل أن نسبة سقوطه إلى عثمان نسبة مجازية، أو بالعكس، يحتمل أن عثمان طلبه من معيقيب، فختم به شيئاً، واستمر في يده، وهو يفكر في شيء، يعبث به، فسقط في البئر، ويحتمل أنه رده إلى معيقيب فسقط منه، والأول هو الموافق لحديث أنس. اهـ وهو الظاهر، لأنه لم يرد في الروايات تأنيباً أو لوما لمعيقيب، ولو كان هو المقصر لوجدنا لوماً وتعنيفاً.
ومعيقيب مولى سعيد بن أبي العاص، وعند أبي داود والنسائي "كان معيقيب على خاتم النبي صلى الله عليه وسلم" يعني كان أميناً عليه، واتخذه عثمان أميناً وكاتباً لما كثرت الأعمال، فكان الخاتم أحياناً عنده، يختم به أوامر الخليفة، كما يحتفظ اليوم بخاتم الدولة في الإدارات الحكومية عند الكاتب الأول.
(لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم) في الرواية الثامنة "كان إذا أراد أن يكتب