يمشي في برديه، قد أعجبته نفسه، فخسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة".

4780 - وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بينما رجل يتبختر في بردين". ثم ذكر بمثله.

4781 - عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن رجلاً ممن كان قبلكم يتبختر في حلة" ثم ذكر مثل حديثهم.

-[المعنى العام]-

يقول الله تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا} [الإسراء: 37] مسكين ابن آدم، كرمه الله فاغتر، وظن نفسه فوق المخلوقات، أعطاه قطرة من بحار العلم فظن نفسه فوق العالمين، مع أنه يقرأ كل يوم قوله {وفوق كل ذي علم عليم} [يوسف: 76] وقوله {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} [الإسراء: 85] وقوله {وقل رب زدني علماً} [طه: 114] وما علم موسى عليه السلام بشيء أمام علم عبد من عباده آتاه رحمة من عنده، وعلمه من لدنه علما، وما علم موسى وعلم العبد الصالح وعلم جميع البشر أمام علم الله إلا كقطرة أخذها العصفور بمنقاره من بحر يمده من بعده سبعة أبحر.

أعطاه ذرة من القوة الجسمية فظن نفسه قاهر الملكوت، ونسي أنه من أضعف المخلوقات، نسي الأسد وغيره من السباع التي يخافها، بل نسي الميكروب والفيروس الذي لا يرى بالعين المجردة كيف يفترسه ويعجزه ويقعده، بل ويميته دون حول له ولا قوة.

أعطاه حكماً وسلطاناً على بعض خلقه، فبغى وطغى وتجبر وتكبر عليهم، حتى قال لهم: أنا ربكم الأعلى، ليس لكم إله غيري، ونسي مالك الملك الذي يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير، إنه على كل شيء قدير.

نسي أن البشر جميعهم لا يشغلون من سطح الأرض أكثر من عشرها وأن في الجبال أمماً أمثالنا، وفي البحار أمماً أكثر منا، وفي الفضاء المحيط بالأرض أمما أعجب من أممنا، بل نسي أن الأرض كلها في الكواكب والأجرام لا تمثل ذرة رمل في صحراء، لكن من جهله وغروره يضرب الأرض برجله إذا مشي، كأنه سيخرق الأرض بقدمه، ويرفع رأسه شامخاً متعالياً، كأنه يبلغ الجبال طولاً.

من هنا كانت الحكمة الأولية، وأول درس يلقى على الإنسان في كلمة واحدة، هي: اعرف نفسك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015