وتحرم على الرجال لبس الحرير بأنواعه، فيقول صلى الله عليه وسلم "لا تشربوا في إناء الذهب والفضة ولا تلبسوا الديباج والحرير، فإنه لهم في الدنيا، وهو لكم في الآخرة" وقال عن جبة الحرير "إنما هذه لباس من لا خلاق له" وقال "لا يلبس الحرير إلا من ليس له منه شيء في الآخرة" و"من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" وقال "الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم".
إن الإسلام لا يدعو إلى الفقر، بل يدعو إلى العمل والكفاح، والعمل والكفاح لا يتفق مع التنعم والتخنث، بل يحتاج الخشونة والرجولة والشهامة والقوة، إن الخدور للنساء، والنعومة للنساء، والتزين والتجمل شأن النساء، ولعن الله الرجال المشبهين بالنساء.
كيف يعمل في المصانع والمزارع من يلبس الحرير؟ وكيف يضرب بسواعده من يحليها بالذهب؟ وكيف يتحمل مشاق السفر والجهاد من اعتاد أن يأكل في أواني الذهب أو الفضة؟ .
إن الإسلام عز، وعلا، وارتقى، وانتشر، وساد، وحكم، حينما كان أبناؤه رجالاً، شجعاناً أبطالاً، فلما تنعم أبناؤه، وأصيبوا بالترف والرفاهية، ونعمت جلودهم كالنساء، ولانت أظافرهم كالأطفال، وخلدوا إلى الراحة والبطالة، واستبدلوا بالنشاط والحركة الخمول والكسل تأخر المسلمون، وتقدم غيرهم من العاملين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
-[المباحث العربية]-
(الذي يشرب في آنية الفضة) في ملحق الرواية "أن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب" والواو فيها بمعنى "أو" ففي الرواية الثانية "من شرب في إناء من ذهب أو فضة" وفي الرواية الثالثة "نهانا عن شرب بالفضة" وفي الرواية الرابعة "لا تشربوا في إناء الذهب والفضة" وفي الرواية الخامسة "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها" والصحاف جمع صحفة، وهي دون القصعة، قال الجوهري: قال الكسائي: أعظم القصاع الجفنة، ثم القصعة تليها، تشبع العشرة ثم الصحفة، تشبع الخمسة، ثم المكيلة، تشبع الرجلين والثلاثة، ثم الصحيفة، تشبع الرجل. اهـ والمراد هنا أي إناء، صغر أو كبر.
(إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) قال النووي: اتفق العلماء من أهل الحديث واللغة والغريب وغيرهم على كسر الجيم الثانية من "يجرجر" واختلفوا في حركة راء "نار" فنقلوا فيها النصب والرفع، وهما مشهوران في الرواية وفي كتب الشارحين وأهل الغريب واللغة، والنصب هو الصحيح المشهور الذي جزم به الأزهري وآخرون من المحققين، ورجحه الزجاج والخطابي والأكثرون، ويؤيده الرواية الثانية "يجرجر في بطنه ناراً من جهنم" وفي مسند أبي عوانة والجعديات "إنما يجرجر في جوفه ناراً" من غير ذكر جهنم. اهـ والجرجرة الصب، أو التجرع، أو التصويت، فالنصب على المفعولية، والفاعل ضمير الشارب، على معنى: يصب أو يتجرع ناراً، والرفع على أن النار هي التي