للبخاري "وخادمي" بدل "خادم" والقائل "هل قال" هو أبو عثمان الراوي عن عبد الرحمن، كأنه شك في ذلك، وقوله "بين بيتنا" ظرف متعلق بمحذوف صفة "خادم" أي خدمتها مشتركة بين بيتنا وبيت أبي بكر، وأم عبد الرحمن هي أم رومان، مشهورة بكنيتها، واسمها زينب وقيل: وعلة، بنت عامر بن عويمر، من ذرية الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة، كانت قبل أبي بكر عند الحارث بن سخبرة الأزدي، فقدم مكة، فمات، وخلف منها ابنه الطفيل، فتزوجها أبو بكر، فولدت له عبد الرحمن وعائشة، وأسلمت أم رومان قديماً وهاجرت ومعها عائشة، وأما عبد الرحمن فتأخر إسلامه وهجرته إلى هدنة الحديبية.
(وإن أبا بكر تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لبث حتى صليت العشاء، ثم رجع، فلبث حتى نعس رسول الله، فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله) في الرواية السابعة قال عبد الرحمن: "نزل علينا أضياف لنا، وكان أبي يتحدث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق، وقال: يا عبد الرحمن. افرغ من أضيافك" وعند أبي داود عن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: "نزل بنا أضياف، وكان أبو بكر يتحدث عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لا أرجع إليك حتى تفرغ من ضيافة هؤلاء" وفي رواية "إن أبا بكر تضيف رهطاً، فقال لعبد الرحمن: دونك أضيافك، فإني منطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فافرغ من قراهم قبل أن أجيء" فهذا يدل على أن أبا بكر أحضرهم إلى منزله، وأمر أهله أن يضيفوهم، ورجع هو إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر: والحاصل أن أبا بكر تأخر عند النبي صلى الله عليه وسلم، حتى صلى العشاء، ثم تأخر حتى نعس النبي صلى الله عليه وسلم وقام لينام، فرجع أبو بكر حينئذ إلى بيته. اهـ وعلى هذا فمعنى "إن أبا بكر تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم" أي قضى العشية، وليس من أكل الليل.
(قالت له امرأته: ما حبسك عن أضيافك؟ أو قالت: ضيفك؟ ) سبق القول بأن "ضيف" يطلق على المفرد والجمع، والمراد هنا الجمع، وهذا القول منها مشعر بأنهم لم يقروا بعد، لذا قال:
(أو ما عشيتهم؟ ) الهمزة للاستفهام، والواو للعطف على مقدر بعد الهمزة، والتقدير: أقصرت في إكرامهم؟ وما عشيتهم؟ وفي رواية "عشيتيهم" بإشباع الكسرة.
(قالت: أبوا حتى تجيء، قد عرضوا عليهم، فغلبوهم) في الرواية السابعة "قال عبد الرحمن: فلما أمسيت جئنا بقراهم، قال: فأبوا، فقالوا: حتى يجيء أبو منزلنا -أي صاحبه- فيطعم معنا، قال: فقلت لهم: إنه رجل حديد -أي فيه قوة وصلابة، ويغضب لانتهاك الحرمات، والتقصير في حق ضيفه- وإنكم إن لم تفعلوا خفت أن يصيبني منه أذى".
وفي رواية "فانطلق عبد الرحمن، فأتاهم بما عنده، فقال: اطعموا. قالوا: أين رب منزلنا؟ قال: اطعموا. قالوا: ما نحن بآكلين حتى يجيء، قال: اقبلوا عنا قراكم، فإنه إن جاء ولم تطعموا لنلقين منه -أي شراً- فأبوا"، وإنما امتنعوا من الأكل حتى يحضر أبو بكر أدباً في ظنهم، لأنهم ظنوا أنه لن يبقى له عشاء إذا هم أكلوا، ومعنى "عرضوا عليهم فغلبوهم" أي عرض الخدم أو الأهل على الأضياف