يسبقكم إلا من فعل فعلكم؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، فذهبوا، ففعلوا، فرجعوا، فقالوا: يا رسول الله. سمع إخواننا الأغنياء بما أمرتنا، ففعلوا مثل ما فعلنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء".
الثالثة: من نقاط فقه الحديث تكثير الطعام والشراب، كمعجزة حسية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعنها يقول النووي: في الحديث الدليل الظاهر، والعلم الباهر من أعلام نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تظاهرت أحاديث آحاد بمثل هذا، حتى زاد مجموعها على التواتر، وحصل العلم القطعي بالمعنى الذي اشتركت فيه هذه الآحاد، وهو انخراق العادة بما أتى به صلى الله عليه وسلم من تكثير الطعام القليل، الكثرة الظاهرة، ونبع الماء، وتكثيره، وتسبيح الطعام، وحنين الجذع، وغير ذلك مما هو معروف، وقد جمع ذلك العلماء في كتب دلائل النبوة، كالدلائل للقفال الشاشي وصاحبه أبي عبد الله الحليمي، وأبي بكر البيهقي الإمام الحافظ، وغيرهم بما هو مشهور، وأحسنها كتاب البيهقي.
الرابعة:
-[ما يؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-
1 - من الرواية الأولى، من قوله "وكان له غلام لحام جواز الاكتساب بمهنة الجزارة" وأن تعاطي مثل تلك الحرفة لا يضع قدر من يتوقى فيها ما يكره، ولا تسقط بمجرد تعاطيها شهادته. قاله الحافظ ابن حجر، وهذا مسلم، لكن في أخذه من الحديث نظر، فإن كونه عبداً وخادماً لا يفيد أن مثل تلك الحرفة لا تضع قدر من يمتهنها.
2 - واستعمال العبد فيما يطيق من الصنائع.
3 - وانتفاع السيد بكسب عبده من تلك الصنائع.
4 - وأكل الإمام والشريف والكبير من طعام الحرفة غير الرفيعة.
5 - ومن قوله "فعرف في وجهه الجوع" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجوع أحياناً.
6 - وفيه الحكم بالقرينة.
7 - وأن الصحابة كانوا يديمون النظر إلى وجهه، تبركاً به، وكان منهم من لا يطيل النظر في وجهه حياء منه صلى الله عليه وسلم.
8 - وفي دعوة الأنصاري أن من صنع طعاماً لغيره فهو بالخيار بين أن يرسله إليه، أو يدعوه إلى منزله، قاله الحافظ ابن حجر، وفي أخذه من هذا الحديث نظر، نعم فيه صنع الطعام للغير، ودعوته إليه في منزله، أما ما ذكره الحافظ فيمكن أخذه من الرواية السادسة.
9 - وفي إجابته صلى الله عليه وسلم دعوة الأنصاري إجابة الإمام والشريف والكبير دعوة من دونهم.
10 - وفي فعل الأنصاري وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم أن من دعا عدداً معيناً أعد ما يكفيهم، ولا يستند إلى حديث "طعام الواحد يكفي الاثنين" فقد أعد الأنصاري ما يكفي الخمسة وزيادة.