بنت أبي بكر وسويد بن غفلة وعلقمة والأسود وعطاء وشريح وسعيد بن جبير والحسن البصري وإبراهيم النخعي وحماد بن سليمان وأحمد وإسحق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد وداود وجماهير المحدثين وغيرهم، وكرهها طائفة، منهم ابن عباس والحكم ومالك وأبو حنيفة.

واحتجوا بقوله تعالى {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} [النحل: 8] ولم يذكر الأكل، وذكر الأكل من الأنعام في الآية التي قبلها، وبحديث صالح بن يحيى بن المقدم عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من رواية بقية بن الوليد عن صالح بن يحيى.

قال النووي: واتفق العلماء من أئمة الحديث وغيرهم على أنه حديث ضعيف، وقال بعضهم: هو منسوخ، قال البخاري: هذا الحديث فيه نظر، وقال البيهقي: هذا إسناد مضطرب، وقال الخطابي: في إسناده نظر، قال: وصالح بن يحيى عن أبيه عن جده لا يعرف سماع بعضهم من بعض، وقال أبو داود: هذا الحديث منسوخ، وقال النسائي: حديث الإباحة أصح. قال: ويشبه إن كان هذا صحيحاً أن يكون منسوخاً.

واحتج الجمهور بأحاديث الإباحة التي ذكرها مسلم وغيره، وهي صحيحة صريحة، ولم يثبت في النهي حديث.

أما الآية فأجابوا عنها بأن ذكر الركوب والزينة لا يدل على أن منفعتها مختصة بذلك، فإنما خص هذان بالذكر لأنهما معظم المقصود من الخيل، كقوله تعالى {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} [المائدة: 3] فذكر اللحم لأنه أعظم المقصود، وقد أجمع المسلمون على تحريم شحمه ودمه وسائر أجزائه، قالوا: ولهذا سكت عن ذكر حمل الأثقال على الخيل، مع قوله تعالى في الأنعام {وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس} [النحل: 7] ولم يلزم من هذا تحريم حمل الأثقال على الخيل. اهـ

ونضيف أن المانعين لأكل الخيل، أو الكارهين لأكلها كثيرون، فقد ذهب بعض الحنفية وبعض المالكية إلى تحريم أكلها، والصحيح عند المحققين منهم التحريم، والمشهور عند المالكية الكراهة، وقال أبو حنيفة في الجامع الصغير: أكره لحم الخيل، فحمله الرازي على التنزيه، وقال: لم يطلق أبو حنيفة فيه التحريم، وليس هو عنده كالحمار الأهلي، وصحح عنه أصحاب المحيط والهداية والذخيرة التحريم، وهو قول أكثرهم، وعن بعضهم: يأثم آكله، ولا يسمى حراماً.

واستدل هذا الفريق بما ذكره النووي، وبالآتي:

1 - قال ابن المنير: الشبه الخلقي بين الخيل وبين البغال والحمير يؤكد القول بمنع أكلها، من هذا الشبه هيئتها، وزهومة لحمها، وصفة أرواثها، وأنها لا تجتر، قال: وإذا تأكد الشبه الخلقي التحق به نفي الشبه بالأنعام المتفق على أكلها.

وأجاب المبيحون بأن الشبه الخلقي لا يلزم منه الاتفاق في الحكم، لأن الآثار إذا صحت عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015