وهذا كله فيما إذا وجد الصيد مقتولا، أما إذا وجد به رمق، وبه حياة مستقرة، وأدرك ذكاته، لم يحل إلا بالتذكية، فلو لم يذبحه مع الإمكان حرم، سواء كان عدم الذبح اختيارا أو اضطرارا، كعدم وجود آلة الذبح.
الخامسة: يلحق بالكلب فيما ذكر ما علم من الباز والصقور والعقاب والباشق والشاهين ونحوها من الطيور. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم. والله أعلم.
2 - وأما صيد المعراض
فقال النووي: مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والجماهير أنه إذا اصطاد بالمعراض فقتل الصيد بحده حل، وإن قتله بعرضه لم يحل، لهذا الحديث، وقال مكحول والأوزاعي وغيرهما من فقهاء الشام: يحل مطلقا، وكذا قال هؤلاء وابن أبي ليلى: أنه يحل ما قتله بالبندقة، وحكي أيضا عن سعيد بن المسيب، وقال الجماهير: لا يحل صيد البندقة مطلقا، لحديث المعراض، لأنه كله رض ووقذ، وهو معنى قوله في الرواية الثالثة والرابعة "فإنه وقيذ" أي مقتول بغير محدد، والموقوذة المقتولة بالعصا ونحوها. اهـ.
قال البخاري: وقال ابن عمر في المقتولة بالبندقة: تلك الموقوذة، وكرهه سالم والقاسم ومجاهد وإبراهيم وعطاء والحسن، وكره الحسن رمي البندقية في القرى والأمصار، ولا يرى به بأسا فيما سواه. اهـ.
ولمالك في الموطأ أنه بلغه أن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق كان يكره ما قتل بالمعراض والبندقة.
أما الحسن البصري فقال -فيما رواه ابن أبي شيبة- إذا رمى الرجل الصيد بالجلاهقة فلا تأكل، إلا أن تدرك ذكاته، والجلاهقة بضم الجيم وتشديد اللام وكسر الهاء، بعدها قاف، هي البندقة بالفارسية، والجمع جلاهق.
وأما صيد القوس والسهام فعنه تقول الرواية السادسة "وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله، فإن غاب عنك يوما، فلم تجد فيه إلا أثر سهمك، فكل إن شئت، وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل" وتقول الرواية السابعة "إذا رميت سهمك فاذكر اسم الله، فإن وجدته قد قتل، فكل، إلا أن تجده قد وقع في ماء، فإنك لا تدري الماء قتله؟ أم سهمك؟ " وتقول الرواية التاسعة "إذا رميت بسهمك فغاب عنك، فأدركته، فكله، ما لم ينتن؟ وقد تمسك بالرواية السادسة والسابعة من أوجب التسمية على الصيد وعلى الذبيحة، وقد مر البحث في ذلك قريبا.
وعند أبي داود "وأفتني في قوس؟ قال: كل ما ردت عليك قوسك، ذكيا وغير ذكي، قال: وإن تغيب عني؟ قال: وإن تغيب عنك، ما لم يصل" بكسر الصاد وتشديد اللام، أي ينتن "أو تجد فيه أثرا غير سهمك".
وعند البخاري عن عدي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يرمي الصيد، فيفتقر أثره اليومين والثلاثة، ثم يجده ميتا، وفيه سهمه؟ قال: "يأكل إن شاء".