(فليس منا) أي ليس على هدينا وسنتنا.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: في الأحاديث فضيلة الرمي والمناضلة، والاعتناء بذلك بنية الجهاد في سبيل الله تعالى، وكذلك المشاجعة، وسائر أنواع استعمال السلاح، وكذلك المسابقة بالخيل وغيرها، والمراد بهذا كله التمرن على القتال والتدرب والتحذق فيه ورياضة الأعضاء بذلك. اهـ.
وقد روى البخاري تحت باب التحريض على الرمي، وقول الله عز وجل {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون" أي يترامون للسبق وكان محجن بن الأدرع يرامي نضلة الأسلمي "فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا، ارموا وأنا مع بني فلان" بالتشجيع، وفي رواية "وأنا مع محجن بن الأدرع" "قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم" أي توقفوا عن الرمي، والمراد بأحد الفريقين الفريق المقابل لمحجن "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لكم لا ترمون؟ قالوا: كيف نرمي وأنت معهم"؟ وفي رواية "فقال نضلة -وألقى قوسه من يده: والله لا أرمي وأنت معه" وفي رواية "فقالوا: من كنت معه فقد غلب" وفي رواية "لا نغلب من كنت معه" "فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارموا فأنا معكم كلكم".
وقد روى أبو داود وابن حبان عن عقبة بن عامر رضي الله عنه رفعه "أن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة، صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومنبله، فارموا، واركبوا" أي تدربوا على سباق الخيل "وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا".
قال القرطبي: إنما فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي -وإن كانت القوة تظهر بإعداد غيره من آلات الحرب لكون الرمي أشد نكاية في العدو، وأسهل مؤنة، لأنه قد يرمي رأس الكتيبة، فيصاب، فيهزم من خلفه. اهـ.
والله أعلم