وقال ابن العربي: يحتمل أن ذلك كان قبل الحجاب، ورد بأن ذلك كان بعد الحجاب قطعا، فقد كان هذا بعد حجة الوداع، وكان الحجاب في زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش.
فأسلم الأجوبة دعوى الخصوصية، كما قال ابن حجر. والله أعلم.
(فتطعمه) أي فتقدم له الطعام، أي كان هذا شأنها، كلما دخل عندها.
(وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت) ظاهر هذه الرواية أنها كانت زوجة لعبادة حال دخول النبي صلى الله عليه وسلم إليها، لكن الرواية الثانية صريحة في أنه إنما تزوجها بعد هذه الرؤيا والدعاء والتبشير، فلفظها "فتزوجها عبادة بن الصامت بعد" وحمل النووي الرواية الأولى على الثانية، فيكون أنس قد أخبر عما صار حالا لها بعد ذلك. قال الحافظ ابن حجر: هذا الذي اعتمده النووي وغيره تبعا لعياض، لكن وقع في ترجمة أم حرام من طبقات ابن سعد ما يفيد أنها كانت تحت عبادة قبل أحد، فيحتمل أنها كانت تحت عبادة أولا، ثم فارقها، فتزوجت عمرو بن قيس، فاستشهد في أحد، فرجعت إلى عبادة، ثم قال: والذي يظهر لي أن ما وقع في الطبقات غير سليم، وأن الأمر بعكس ما وقع فيها، وأن عمرو بن قيس تزوجها أولا، فولدت له، ثم استشهد هو وولده منها، وتزوجت بعده بعبادة.
(فأطعمته، ثم جلست تفلي رأسه) في رواية البخاري "وجعلت تفلي رأسه" "تفلي" بفتح التاء وسكون الفاء وكسر اللام، أي تفتش، ولا يلزم من ذلك وجود الهوام، فكثيرا ما يكون ذلك لتخدير الجسم وارتخائه استجلابا للنوم.
(فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم) في الرواية الثالثة "نام قريبا مني" وكذا عند البخاري، وفي رواية له "فاتكأ" وقد بينت الرواية الثانية وقت النوم، وأنه كان وقت القيلولة، ولفظها "فقال عندنا" وفي كتب اللغة: قال، يقيل، قيلا بفتح القاف: نام وسط النهار، فهو قائل، والجمع قيل بضم القاف والياء، وقيال بضم القاف وتشديد الياء.
(ثم استيقظ وهو يضحك) فرحا وسرورا بكون أمته تبقى بعده متمسكة بأمور الإسلام، قائمة بالجهاد، حتى في البحر، قال النووي، وقال الحافظ ابن حجر: كان ضحكه إعجابا بهم، وفرحا، لما رأى لهم من المنزلة الرفيعة، وفي الرواية الثالثة "ثم استيقظ يبتسم" وكان ضحكه صلى الله عليه وسلم ابتساما، والجملة حالية.
(فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ ) كان الظاهر أن يقول أنس: فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟ ولهذا اختلف فيه، هل هو من مسند أنس؟ أو من مسند أم حرام؟ قال الحافظ ابن حجر: والتحقيق أن أوله من مسند أنس، وقصة المنام من مسند أم حرام، فإن أنسا إنما حمل قصة المنام عنها.
أما الرواية الثانية والثالثة فهما صراحة من مسند أم حرام، وظاهرهما أن أنسا لم يحضر هذه الواقعة، وهو المعتمد، وفي الرواية الثالثة "ما أضحكك"؟ زاد في الرواية الثانية "بأبي أنت وأمي"