-[المباحث العربية]-
(إنما الأعمال بالنية) "إنما" أداة قصر، تفيد تقوية الحكم وتأكيده، وإثباته لمذكور، ونفيه عما عداه، و"الأعمال" عام، يشمل أعمال الإنسان، المكلف وغير المكلف، الدينية والدنيوية، لكن العموم هنا غير مراد، إذ المراد أعمال العبادة الصادرة من المكلفين.
وقد وجه بعض العلماء جمع الأعمال وإفراد النية في هذه الرواية بأن الأعمال متعددة متنوعة، حسب جوارح الإنسان المختلفة، فتعدد اللفظ مراعاة لتعدد المحل، أما النية فمحلها القلب، فناسب إفرادها.
وعند البخاري "إنما الأعمال بالنيات" بجمع الأعمال، وجمع النيات، ووجهه بعضهم بأن مقابلة الجمع بالجمع يقتضي القسمة آحادا، فكأنه قال: كل عمل بنية.
وعند البخاري أيضا "العمل بالنية" بإفراد كل منهما.
و"الأعمال" مبتدأ، و"بالنية" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر، واختلف العلماء في تقدير هذا المحذوف، فمنهم من قدره "تعتبر" ومنهم من قدره "تكمل" ومنهم من قدره "تصح" ومنهم من قدره "تستقر" ومنهم من قدره "تتبع" وهو أقربها.
والنية القصد. قال البيضاوي: النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقا لغرض، من جلب نفع، أو دفع ضر، حالا أو مآلا، والشرع خصصها بالإرادة المتوجهة نحو الفعل، لابتغاء رضاء الله، وامتثال حكمه.
قال الحافظ ابن حجر: والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي -الشامل للأمور الأخروية والدنيوية- ليحسن تطبيقه على بقية الحديث، من تقسيم أحوال المهاجر، فإن فيه تفصيلا لما أجمل، وفيه نية المهاجر لأمر دنيوي. اهـ.
واختلفوا في الأقوال، هل تدخل في الأعمال هنا؟ على أنها أعمال اللسان؟ أو لا تدخل؟ على أنها لا تسمى أعمالا في العرف، ولهذا تعطف كل واحدة على الأخرى، فيقال: الأقوال والأفعال، قال ابن دقيق العيد: وأخرج بعضهم الأقوال، وهو بعيد، ولا تردد عندي في أن الحديث يتناولها. اهـ.
وأما عمل القلب، كالنية، فلا يتناوله الحديث، لئلا يلزم التسلسل، وكل نية تحتاج إلى نية، إلى ما لا نهاية.
(وإنما لامرئ ما نوى) حركة الراء في "امرئ" تتبع حركة الإعراب، فتضم الراء في حالة الرفع، تبعا لحركة الهمزة، وتفتح في حالة النصب، وتكسر في حالة الجر.
وفي بعض الروايات "ولكل امرئ ما نوى" بدون "إنما" وفي بعضها "وإنما لامرئ ما نوى" وفي بعضها "ولامرئ ما نوى" ومن المعلوم أن الألفاظ في الحديث الواحد قد تتغاير مع الاتفاق في