قال الحافظ ابن حجر: ويدل على أن المراد بالضحك الإقبال بالرضا تعديته بإلى، نقول: ضحك فلان إلى فلان إذا توجه إليه طلق الوجه، ومظهرا للرضا عنه. اهـ. وفي الرواية الثانية "يضحك الله لرجلين".

(يقتل أحدهما الآخر) إلخ ظاهر الرواية الأولى والثانية أن القاتل كان حين القتل كافرا، وكان القتل في معركة بين المسلمين والكفار، لقوله في الرواية الأولى "يقاتل هذا في سبيل الله عز وجل فيستشهد، ثم يتوب الله على القاتل، فيسلم، فيقاتل في سبيل الله عز وجل، فيستشهد" وفي الرواية الثانية "يقتل هذا فيلج الجنة، ثم يتوب الله على الآخر، فيهديه إلى الإسلام، ثم يجاهد في سبيل الله، فيستشهد" وعند أحمد "قيل: كيف يا رسول الله؟ قال: يكون أحدهما كافرا، فيقتل الآخر، ثم يسلم، فيغزو، فيقتل" ففيها التصريح بأن القاتل للمسلم كان كافرا.

قال الحافظ ابن حجر: ولكن لا مانع أن يكون القاتل الأول مسلما، لعموم قوله "ثم يتوب الله على القاتل" كما لو قتل مسلم مسلما عمدا، بلا شبهة، ثم تاب القاتل، واستشهد في سبيل الله، وإنما يمنع دخول مثل هذا من يذهب إلى أن قاتل المسلم عمدا لا تقبل له توبة. اهـ. وهذا الذي قاله الحافظ قد يقبل احتمالا في رواية البخاري، إذ ليس فيها ما في روايتي مسلم الصريحتين في أنه كان كافرا، واللفظ في الرواية الأولى "ثم يتوب الله على القاتل فيسلم" وفي الثانية "ثم يتوب الله على الآخر، فيهديه إلى الإسلام" نعم ظاهر الرواية الثانية أن المقتول الأول أعم من أن يكون شهيدا في معركة بين المسلمين والكفار، وأن يكون مقتولا بمفرده عمدا، لقوله "يقتل هذا فيلج الجنة".

(لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا) النار دركات، يحتل الكافر المقتول دركا منها، فأل في "النار" للعهد، فإن كان قاتله مؤمنا في معركة الإسلام فواضح أنه لا يجتمع معه في ناره، وإن كان قاتله مؤمنا في غير معركة الإسلام فناره -إن عوقب- غير نار الكافر المقتول، فلا يجتمع معه في ناره، وإن كان قاتله كافرا مات على كفره كانت له للقتل نار أخرى ودرك آخر، غير نار الكفر من غير قتل، فلا يجتمع كافر وقاتله في نار معينة أبدا. بخلاف اجتماع المقتول وقاتله في جنة واحدة.

وشرحه القاضي عياض، فخصه بقاتل مؤمن، فقال: يحتمل أن هذا مختص بمن قتل كافرا في الجهاد، فيكون ذلك مكفرا لذنوبه، حتى لا يعاقب عليها، أو يكون -قتله- بنية مخصوصة، أو حالة مخصوصة -أي مرخص بها شرعا، مثاب عليها- قال: ويحتمل أن يكون عقابه -أي عقاب هذا المسلم القاتل للكافر إن عوقب، بغير النار، كالحبس في الأعراف عن دخول الجنة أولا، ولا يدخل النار، أو يكون إن عوقب بالنار عوقب بها في غير موضع عقاب الكفار، ولا يجتمعان في دركاتها.

(لا يجتمعان في النار اجتماعا يضر أحدهما الآخر) المنفي اجتماع خاص، اجتماع يعير فيه المقتول الكافر قاتله المؤمن بأنه لم ينفعه إيمانه، إذ اجتمعا في النار، ولا يمنع هذا اجتماعهما في النار اجتماعا آخر، لا تعيير فيه.

(قيل: من هم يا رسول الله؟ ) كان حقه أن يقول: من هما يا رسول الله؟ فيحتمل أنه جمع باعتبار تعدد صاحبي هذه الحالة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015