الصدقة وكانوا قد أسلموا، وبنوا المساجد، فلما سمعوا بدنو الوليد خرج منهم عشرون رجلا يتلقونه بالجزور والغنم فرحا به، فلما رآهم ولى راجعا إلى المدينة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم تلقوه بالسلاح، يحولون بينه وبين الصدقة. فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم من يغزوهم، وبلغ ذلك القوم، فقدم عليه الركب الذين تلقوا الوليد، فأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم الخبر على وجهه، ونزل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة} [الحجرات: 6].
وفي صفر سنة تسع كانت سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم، ناحية بيشة، قريبا من تربة في عشرين رجلا، فقتلوا من قتلوا، وعادوا بالنعم والشاء والنساء إلى المدينة.
وفي ربيع الأول كانت سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب.
وفي ربيع الآخر كانت سرية علقمة بن مجزر المدلجي إلى الحبشة في ثلاثمائة.
وفي الشهر نفسه كانت سرية علي بن أبي طالب إلى الفلس، صنم طيئ، ليهدمه في خمسين ومائة رجل، فهدموه.
وفي الشهر نفسه كانت سرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الجناب، أرض عذرة وبلي.
وفي رجب سنة تسع كانت غزوة تبوك، خرج إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين ألفا، فأقام بها عشرين ليلة، ثم انصرف صلى الله عليه وسلم من تبوك، ولم يلق كيدا.
وفي آخر شهر صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للتهيؤ لغزو الروم، ثم دعا أسامة بن زيد، فقال: سر إلى موضع مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش، فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ يغيب ويفيق فيقول: انفذوا بعث أسامة، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبويع لأبي بكر خرج أسامة بجيشه، عند هلال شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة من الهجرة.
هذا ما قاله ابن سعد في الطبقات الكبرى بتصرف كبير.
(ولم أشهد أحدا، ولا بدرا) قال النووي: قال القاضي: كذا في رواية مسلم أن جابرا لم يشهدهما، وقد ذكر أبو عبيد أنه شهد بدرا، وقال ابن عبد البر: الصحيح أنه لم يشهدهما، وقد ذكر ابن الكلبي أنه شهد أحدا. اهـ. وفيما سبق عن ابن سعد أنه لم يشهدها.
(منعني أبي) سبق في روايات ابن سعد أن المنع كان لرعايته أخواته البنات اللائي لا عائل لهن غيره.
(فلما قتل عبد الله) أي أبوه.
(لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة قط) في الصحيح أنه كان قد تزوج بعد وفاة أبيه ثيبا كبيرة، ترعى أخواته في غيبته. و"قط" ظرف زمان، لاستغراق ما مضى، تقول: ما فعلته قط، بفتح القاف وتشديد الطاء مضمومة في أفصح اللغات، وتختص بالنفي، والعامة يقولون: لا أفعله