قريش الآتية من الشام إلى مكة، وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل، فلم يحصل قتال، ورجع أبو جهل بالعير إلى مكة.
وعلى رأس ثمانية أشهر من الهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عبيدة بن الحارث بن المطلب إلى بطن رابغ في ستين رجلا من المهاجرين، ليعترض قافلة المشركين، فلم يحصل قتال، وعادت القافلة.
وعلى رأس تسعة أشهر من الهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرار في عشرين رجلا من المهاجرين، ليعترض عيرا لقريش، فكانت العير قد سبقتهم قبل وصولهم ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأبواء على رأس اثني عشر شهرا من الهجرة، واستخلف على المدينة سعد بن عبادة، يريد عيرا لقريش، كما يريد بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة من كنانة، والأبواء موضع معروف بين مكة والمدينة وهي إلى المدينة أقرب، فوادع بني ضمرة، وعقد معهم عهدا أن لا يغزوه، ولا يغزوهم ولا يكثروا عليه جمعا، ولا يعينوا عدوا، ولم يلق العير.
فسار إلى "ودان" فتح الواو، وتشديد الدال، وهي قرية من أمهات القرى، بينها وبين الأبواء ستة أميال، ليعترض عيرا لقريش، فلم يلق العير، فرجع إلى المدينة بعد غياب خمس عشرة ليلة.
وعلى رأس ثلاثة عشر شهرا من الهجرة غزا "بواط" بضم الباء وتخفيف الواو، وهو جبل من جبال جهينة، على نحو أربعين ميلا من المدينة من جهة الشام، واستخلف على المدينة سعد بن معاذ، يقصد اعتراض عير لقريش، فلم يلق كيدا، ورجع إلى المدينة.
وعلى رأس ستة عشر شهرا كانت غزوة العشيرة.
(فقلت: فما أول غزوة غزاها؟ قال: ذات العسير أو العشير) قال النووي: هكذا في جميع نسخ صحيح مسلم "العسير" أو "العشير"، العين مضمومة، والأول بالسين والثاني بالشين، وقال القاضي في المشارق: هي ذات العشيرة، بضم العين وفتح الشين، قال: وجاء في كتاب المغازي من صحيح البخاري "عسير" بفتح العين وكسر السين، قال: والمعروف فيها "العشيرة" مصغرا، وهي من أرض مدمج اهـ. قال ابن إسحق: هي بطن ينبع، خرج صلى الله عليه وسلم إليها يريد عيرا لقريش فوجد العير التي خرج لها قد مضت قبل وصوله بأيام.
قال ابن سعد: وبلغ قريشا خبرها، فخرجوا يمنعونها، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر، فواقعهم، وقتل منهم من قتل.
قال ابن إسحق: ولما رجع إلى المدينة لم يقم إلا ليالي حتى أغار كرز بن جابر القهري على سرح المدينة فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في طلبه حتى بلغ سفران، بفتح السين، من ناحية بدر، ففاته كرز بن جابر، وهذه هي بدر الأولى.
قال ابن سعد: وعلى رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة كانت سرية عبد الله بن جحش إلى بطن