ومساعدة جريحهم، وقد ثبت أن قريشا في غزوة أحد كان معهم الكثيرات من نسائهم، فقد خرجت هند بنت عتبة مع زوجها أبي سفيان، وأم حكيم بنت الحارث بن هشام مع زوجها عكرمة بن أبي جهل، وفاطمة بنت الوليد بن المغيرة مع زوجها الحارث بن هشام، وبرزة بنت مسعود الثقفية مع زوجها صفوان بن أمية، وريطة بنت شيبة السهمية مع زوجها عمرو بن العاصي، وسلافة بنت سعد مع زوجها طلحة بن أبي طلحة الحجبي، وخناس بنت مالك، والدة مصعب بن عميرة، وعمرة بنت علقمة بن كنانة، وغيرهن، حتى قيل: إن نساء المشركين في غزوة أحد كن خمس عشرة امرأة.

واقتصر المسلمون في أول غزواتهم على الرجال، أما في غزوة أحد فقد خرجت على حسب العرف والعادة بعض النساء، منهن عائشة وأم سليم أم أنس، وارتفع عددهن في بعض الغزوات إلى خمس من النسوة، فاستغرب صلى الله عليه وسلم كثرتهن، فسألهن: ما الذي جاء بكن؟ فقلن: جئنا نساعد الجيش، نعد السويق ونسقيه، ونحضر الماء ونسقيه ونداوي الجرحى، جهادا في سبيل الله. وسكت صلى الله عليه وسلم سكوت عدم الرضا، فطلبت منه سادسة أن تخرج في غزوة، فقال: لا. قالت: إنك أذنت لفلانة وفلانة، وفلانة، فأذن لي. فقال: لا، أجل أن يقال: إن محمدا يغزو بالنساء.

إن المرأة إذا خرجت إلى ميدان القتال كانت عرضة للسبي، والسبي مذلة وعار للمرأة ولأهلها، فالأكرم لها ولقومها أن لا تخرج إلى الميدان، وقد عوضها الله تعالى عن أجر المجاهد، ففي الصحيح "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: هل على النساء جهاد؟ فقال: جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة" ولما جاءت خطيبة النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله، إن الله بعثك للرجال والنساء جميعا، فآمنا بك، واتبعناك، وقد فضل علينا الرجال بالجمعات والجنازة والجهاد، وإذا خرجوا إلى الجهاد حفظنا لهم أموالهم وأولادهم. فهل نشاركهم في الأجر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: اعلمي يا أسماء وأعلمي من وراءك من جماعة النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها يعدل كل ذلك.

إن الإسلام بعدم تشجيع النساء على الخروج إلى ميدان القتال يعتز بهن وبصيانتهن وبالحفاظ عليهن وعلى كرامتهن، فإن هي أصرت على أن تشارك الرجل ما لا تحتمله فلتجرب، وستكون كمن يلعب بالنار، ولتعلم أنها إن خرجت مع الرجل إلى الميدان، فلن يكون لها مثل أجره الدنيوي ولا مثل أجره الأخروي، فأحاديث عبد الله بن عمر تصرح بأنه لا يسهم لها كالرجال، وإنما تعطى قليلا من الغنيمة، وعند المالكية لا تعطى شيئا من الغنيمة، إن القتل والضرب بالسيف وإراقة الدماء كل ذلك يتنافى وطبيعة المرأة، فخروجها إلى ميدان القتال ضد طبيعتها التي خلقها الله عليها. وليس في خروج ست من النساء المسلمات في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم دليل على شرف ذلك، والاقتداء به، فمن بعده صلى الله عليه وسلم، وعلى مر العصور والأجيال بدءا من الخلفاء الراشدين وإلى اليوم لا يستسيغ المسلمون خروج نسائهم في الحروب.

هذا هو الموضوع الرئيسي في مجموعة أحاديث الباب، أما ما تعرضت له من قتل نساء المشركين وصبيانهم في الحرب بيننا وبينهم فقد بينت هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم في حروبه مع الكفار لم يكن يقتل الصبيان ولا النساء، بل نهى قادته وجيوشه عن قتل الولدان والنساء، فكل مولود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015