"أو فيهمو بالصاع كيل السندرة" و"حيدرة" اسم للأسد، وكان علي رضي الله عنه سمته أمه أسدا في أول ولادته، باسم جده لأمه أسد بن هشام بن عبد مناف، وكان أبو طالب غائبا، فلما قدم سماه عليا، وسمي الأسد حيدرة لغلظه، والحادر الغليظ القوي، ومراده أنا الأسد على جرأته وإقدامه وقوته، ومعنى "أوفيهمو بالصاع كيل السندرة" أقتل الأعداء قتلا واسعا ذريعا، والسندرة مكيال واسع، وقيل: هي العجلة، أي أقتلهم عاجلا، قال سلمة "فضرب" على "رأس مرحب فقتله ثم كان الفتح على يديه" قال النووي: هذا هو الأصح، أن عليا هو قاتل مرحب، وقيل: إن قاتل مرحب هو محمد بن مسلمة، قال ابن الأثير: الصحيح الذي عليه أكثر أهل الحديث وأهل السير أن عليا هو قاتله.
(فلما قفلوا قال سلمة -وهو آخذ بيدي أي ورسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بيدي- قال: فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساكتا قال مالك؟ ) وفي رواية "رآني شاحبا" وعند البخاري "فلما قفلوا. قال سلمة: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخذ بيدي، قال مالك؟ " وفي الرواية الخامسة "قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، فقلت: يا رسول الله، ائذن لي أن أرجز لك؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر بن الخطاب: أعلم ما تقول" أي لفراسه عمر استطاع أن يتنبأ بما سيقوله سلمة أخذا من حزنه على عمه "قال: فقلت:
والله لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقت" أي فقلت:
وأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا
والمشركون قد بغوا علينا
قال: فلما قضيت رجزي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال هذا" أي ممن سمعت هذا؟ قال: قلت: أخي" قال النووي: قال عن عامر مرة عمي، ومرة أخي، فلعله كان أخاه من الرضاعة، وكان عمه من النسب "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحمه الله. قال: فقلت ... إلخ.
وفي آخر غزوة ذي قرد قال سلمة: "فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقلت ... " إلخ.
فهذه أحوال ثلاث لوضع سلمة حين شكواه للنبي صلى الله عليه وسلم من قول أصحابه، وحين سؤاله عن مصير عمه. ويمكن الجمع بينها بأنه صلى الله عليه وسلم رأه ساكتا، فسأله: مالك؟ فبكى، فقال يا رسول الله ائذن لي أن أرجز لك، فقال الرجز، ثم سأل عن عمه.
(فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك) قولا، بينه في الروايات الأخرى، قالوا: رجل مات في سلاحه؟ بطل عمله؟ قتل نفسه؟ كيف نصلي عليه وندعو له؟
(وشكوا فيه) بتشديد الكاف، أي شكوا في مصيره، هل أحبط عمله؟ أولا؟