النيران؟ قالوا: نيران تحت قدور تفور بلحوم الحمر الأهلية. قال: أكفئوا القدور، وأريقوها واكسروها فقد طبخ فيها النجس المحرم، قال أحدهم: نرجو الترخيص لنا بغسلها بعد إراقتها، والاحتفاظ بها لحاجتنا إليها، فرخص لهم صلى الله عليه وسلم بذلك.
وأحاديثنا تتعرض لبطل من أبطال المسلمين، عامر بن الأكوع، عم سلمة بن الأكوع، وكان شاعرا، وكانت رفقته في السفر تطلب منه أن يقول شعرا، يحدو به للإبل، والإبل تحب الحداء، فكان هذا الشاعر يحدو لها ويقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر -فداء لك- ما اقتفينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا ... إنا إذا صيح بنا أتينا
وبالصياح عولوا علينا
هذا البطل بارز مليك اليهود في خيبر، بعد أن أبلى في هذه الحرب وغيرها بلاء حسنا، لكنه في هذه المبارزة ارتد إليه سيفه، فأصاب شريان ركبته، فاستشهد، فقال بعض الصحابة: إنه قتل بسلاحه فأحبط عمله، وعز على ابن أخيه سلمة بن الأكوع أن يكون مصير عمه البطل هذا الذي يقولون، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه شهيد، وأن له أجرين، وأنه جاهد الكفار بكل جهد وعزيمة، وأنه لا يكاد يوجد عربي مثله، وتتعرض أحاديث البخاري لبطل آخر في هذه الغزوة، ذاك علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية بعد طول حصار فأصبح يحملها، فبارزه ملك اليهود، فضربه على رأسه فقتله، ثم فتح الله على يديه الحصون، واستسلم اليهود على أن يجلوا عن البلاد على أن يحملوا معهم ما يستطيعون، فشرط عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكشفوا له أماكن أموالهم فقبلوا، لكنهم كشأنهم دائما نكثوا العهد، وأخفوا كنزا أظهره الله للمسلمين، فطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبقيهم في الأرض مزارعين لهم مقابل زراعتها نصف ثمارها، فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك وظلوا هكذا حتى أجلاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
-[المباحث العربية]-
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر) "خيبر" على وزن جعفر، مدينة كبيرة، ذات حصون ومزارع على نحو مائة وثلاثين ميلا من المدينة من جهة الشام، وكانت الغزوة في المحرم سنة سبع، ومعنى "غزا خيبر" بدأ السير لغزوها.
(فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس) في الرواية الرابعة "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فتسيرنا ليلا" وفي رواية البخاري "فسرنا ليلا" وذكر ابن إسحق أنه صلى الله عليه وسلم نزل بواد، يقال له الرجيع، بينهم وبين غطفان، لئلا يمدوهم، وكانوا حلفاءهم، قال: فبلغني أن غطفان