شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة (شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله عز وجل {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} إلى قوله {فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا} [الأنفال: 67 - 69] فأحل الله الغنيمة لهم.
-[المعنى العام]-
هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة أخرجهم المشركون بثيابهم التي هي عليهم لم يسمحوا لأحدهم أن يصحب مالا أو متاعا أخرجوهم من ديارهم وأموالهم فأذن الله لهم في المدينة أن يتعرضوا لقوافل المشركين أهل مكة القادمة من الشام والمارة بالمدينة ليعوضوا بعض أموالهم التي استولى عليها المشركون وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قافلة كبيرة تضم عيرا كثيرة نحو ألف بعير تحمل تجارة غالية تقدر بخمسين ألف دينار على قيادتها أبو سفيان ومعه عمرو بن العاص ومخرمة بن نوفل وآخرون يزيدون على أربعين رجلا فطلب من المسلمين بالمدينة الخروج لاعتراض هذه القافلة فخرج ثلاثمائة رجل وبضعة عشر رجلا بما تيسر لهم من سلاح وركاب وعلم أبو سفيان بخروج المسلمين فغير طريقه إلى طريق الساحل وأسرع المسير وأرسل إلى أهل مكة أن يخرجوا للدفاع عن تجارتهم وأموالهم وحمايتها من المسلمين فخرج من أهل مكة ما يزيد على الألف مدججين بما يملكون من سلاح ووصل المسلمون إلى ماء بدر ووصل مشركو مكة إلى ماء بدر وأرسل أبو سفيان إليهم أن عودوا إلى مكة فقد نجت العير وأمنت تجارتكم فأخذتهم العزة وقالوا: لا والله لا نرجع حتى نلقن المسلمين درسا حتى لا يعودوا لمثل ما فعلوا. واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه قال: إن الله وعدني إحدى الطائفتين.
العير أو الحرب وقد أفلتت العير فماذا ترون في الحرب؟ وكانت العير بطبيعة الحال أحب إليهم فإنها غير ذات شوكة وهي غنيمة كبرى ولكن الله أراد لهم الأخرى وكان جواب المسلمين إيمانا صادقا وشجاعة نادرة وعزة وإباء قال قائلهم: يا رسول الله امض لما أمرك الله لعلك خرجت لأمر فأحدث الله غيره فامض لما شئت وصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت وسالم من شئت وعاد من شئت وخذ من أموالنا ما شئت لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} [المائدة: 24] ولكن نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون والله لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا أحد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف المسلمين للقتال وطلبت المبارزة فخرج علي للوليد وخرج حمزة لشيبة بن ربيعة وخرج عبيدة بن الحارث لعتبة بن ربيعة فقتل الوليد وشيبة وعتبة ثم التحمت الجيوش ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة ورفع