وأما التنفيل: فهو إعطاء القائد أحد المجاهدين شيئا نافلة وزيادة على سهمه مقابل عمل زائد فعله وقد سبق قريبا أيضا.
وأما الخمس: فيراد به خمس الغنيمة وهو عند الجمهور مفوض إلى الإمام ورأيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يجعله لنوائب المسلمين وكان يؤثر أهل الصفة والأرامل على أهله وأقاربه فقد طلبت منه ابنته فاطمة رضي الله عنها خادما من خمس إحدى الغنائم فمنعها ولو كان لذوي القربى سهم معين لازم لما منع ابنته وأعز الناس عليه من أقاربه وصرفه إلى غيرهم فدل ذلك على أن خمس الغنيمة للإمام يقسمه حيث يرى وله أن يؤثر بعض مستحقيه على بعض ويعطي الأوكد فالأوكد.
وبعضهم يقسم خمس الغنيمة إلى خمسة أقسام للرسول صلى الله عليه وسلم قسم سواء حضر القتال أم لم يحضر وهل كان يملكه أو لا؟ وجهان للشافعية والأخماس الأربعة لمن جاء ذكرهم في الآية ذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.
وأما الفيء وهو موضوع أحاديثنا فهو الغنيمة التي يستولى عليها المسلمون دون قتال والرواية الثانية ظاهرة في أن الفيء خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لا يخمس وهكذا يقول جمهور العلماء أما الشافعي فيخمس الفيء ويجعل منه أربعة أخمسه وخمس خمسه الباقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون له واحد وعشرون سهما من خمسة وعشرين والأربعة الباقية لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ويتأول هذا الحديث "كانت أموال بني النضير" أي معظمها.
قال ابن المنذر: لا نعلم أحدا قبل الشافعي قال بالخمس في الفيء. اهـ.
-[ويؤخذ من الأحاديث من الأحكام]-
1 - أن أموال بني النضير كانت خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم وأن المسلمين لم يوجفوا عليهم بخيل ولا ركاب ولم يختلف العلماء في ذلك.
2 - من قوله في الرواية الثانية "فكان ينفق على أهله نفقة سنة" وقوله في الرواية الثالثة "فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنة" وقوله في الرواية الرابعة "يحبس قوت أهله منه سنة "جواز ادخار المسلم قوت سنة وجواز الادخار للعيال وأن هذا لا يقدح في التوكل قال النووي: وأجمع العلماء على جواز الادخار فيما يستغله الإنسان من قريته كما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم وأما إذا أراد أن يشتري من السوق ويدخره لقوت عياله فإن كان في وقت ضيق الطعام لم يجز بل يشترى مالا يضيق على المسلمين كقوت أيام أو شهر وإن كان في وقت سعة اشترى قوت سنة وأكثر. هكذا نقل القاضي هذا التفصيل عن أكثر العلماء وعن قوم إباحته مطلقا.
3 - من قوله "وما بقي يجعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله" وجوب استعداد المسلمين بالسلاح للدفاع عن أنفسهم ودينهم قال تعالى {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} [الأنفال: 60].