خرجت قطعة من الجيش المقيم في بلده فإن الجيش لا يشارك السرية في غنيمتها كما حصل في سرية ابن عمر الواردة في الأحاديث السابقة.
(والخمس في ذلك واجب كله) قال النووي: "كله" مجرور تأكيد لقوله "في ذلك" وهذا تصريح بوجوب الخمس في كل الغنائم وهو إجماع.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: اختلفوا في محل النفل هل هو من أصل الغنيمة؟ أو من أربعة أخماسها؟ أو من خمس الخمس؟ وهي ثلاثة أقوال للشافعي وبكل منها قال جماعة من العلماء والأصح عندنا أنه من خمس الخمس وبه قال ابن المسيب ومالك وأبو حنيفة وآخرون وممن قال إنه من أصل الغنيمة الحسن البصري والأوزاعي وأحمد وأبو ثور وآخرون وأجاز النخعي أن تنفل السرية جميع ما غنمت دون باقي الجيش وهو خلاف ما قاله العلماء كافة قال أصحابنا: ولو نفلهم الإمام من أموال بيت المال العتيد دون الغنيمة جاز (سبق أن ذكرنا في المباحث العربية أن هذا في حالة ما إذا خرج الجيش كله وانفصلت عنه سرية بمهمة أما إذا خرجت السرية من جيش مقيم في بلده فلها ما غنمت).
والتنفيل إنما يكون لمن صنع صنعا جميلا في الحرب انفرد به. اهـ.
والظاهر أن إباء النبي صلى الله عليه وسلم تنفيل السيف لسعد كان قبل أن يرخص له صلى الله عليه وسلم بالتنفيل وقبل نزول قوله تعالى {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول} سواء قلنا: إن التنفيل من الغنيمة أو من الخمس أو من خمس الخمس فقد ذكر النووي أنه روى في تمام هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد بعد نزول الآية "خذ سيفك فإنك سألتنيه وليس لي ولا لك وقد جعله الله لي وجعلته لك".
قال الحافظ ابن حجر: قال مالك وطائفة: لا نفل إلا من الخمس وقال الخطابي: أكثر ما روي من الأخبار يدل على أن النفل من أصل الغنيمة والذي يقرب من حديث ابن عمر أنه كان من الخمس لأنه أضاف الاثنى عشر إلى سهمانهم فكأنه أشار إلى أن ذلك قد تقرر لهم استحقاقه من الأخماس الأربعة الموزعة عليهم فيبقى للنفل الخمس. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر: ويؤيده ما رواه النسائي بإسناد حسن "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس وهو مردود عليكم".
وقال ابن عبد البر: إن أراد الإمام تفضيل بعض الجيش لمعنى فيه فذلك من الخمس لا من رأس الغنيمة وإن انفردت قطعة فأراد أن ينفلها مما غنمت دون سائر الجيش فذلك من غير الخمس بشرط أن لا يزيد على الثلث. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر: وهذا الشرط قال به الجمهور.