-[المعنى العام]-
لم يشرع الجهاد وقتال الكفار لمجرد القتال والقتل بل لنشر دين الله وتبليغ رسالة الإسلام فإذا ما تحقق الهدف بدون قتال كان خيرا كبيرا من هنا نهي عن تمني لقاء العدو وقتاله فإن وقع كان الأمر بالثبات والصبر كما يقول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون* وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين* ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط} [الأنفال: 45 وما بعدها].
نعم لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية وتحقيق الغاية بدون قتال واسألوا الله العافية إذا وقع القتال فإذا لقيتم عدوكم فاثبتوا واصبروا على شدائد المعارك مؤمنين بوعد ربكم فقد تكفل للمجاهد بإحدى الحسنيين إما السلامة والغنيمة وإما الجنة فالجنة تحت ظلال سيوف المجاهدين واذكروا الله كثيرا قبل المعارك وفي شدتها فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعين بالدعاء على النصر وكان يقول: اللهم يا منزل القرآن لخيري الدنيا والآخرة يا مجري السحاب والمطر نحن في حاجة إلى جريان رحمتك وفضلك ونصرك ويا من هزمت الأحزاب وحدك يوم الخندق من غير قتال اهزم الكفار وزلزل أقدامهم في الميدان وزلزل أحوالهم وأمورهم حتى لا يستقروا في دنياهم على حال.
-[المباحث العربية]-
(لا تمنوا لقاء العدو) بتاء واحدة وفتح النون المشددة وأصله لا تتمنوا بتاءين كما جاء في الرواية الثانية والمراد من لقاء العدو مقاتلته.
(فإذا لقيتموهم فاصبروا) العدو يطلق على الواحد والجمع وحين إطلاقه على الجمع يكون مفردا لفظا جمعا معنى فيعود الضمير عليه مفردا باعتبار لفظه وجمعا -كما هنا- باعتبار معناه والمراد من الصبر تحمل الأذى والمجالدة والثبات.
(عن أبي النضر عن كتاب رجل من أسلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: عبد الله بن أبي أوفى فكتب إلى عمر بن عبيد الله حين سار إلى الحرورية) أبو النضر واسمه سالم مولى عمر بن عبيد الله وكان كاتبا له في رواية البخاري "قال: كنت كاتبا له قال: كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى حين خرج إلى الحرورية فقرأته فإذا فيه .. الحديث فأبو النضر لم يسمع من ابن أبي أوفى وإنما قرأ كتابه فقال بعضهم: إن الحديث حجة في صحة رواية المكاتبة وتعقب بأن شرط صحة الرواية بالمكاتبة عند أهل الحديث أن تكون الرواية صادرة إلى المكتوب إليه وابن أبي أوفى لم يكتب إلى سالم إنما كتب إلى عمر بن عبيد الله فعلى هذا تكون رواية سالم