ليقنعهم به فإن أسلموا -وكان ذلك قبل فتح مكة- رغبهم في الهجرة إلى المدينة ليغزو مع الغازين وليغنموا مع الغانمين فإن هم أبوا أن يسلموا فعليهم الجزية دينار أو نحوه في العام مقابل حمايته وهو على دينه فإن أبى الإسلام والجزية فالسيف هو الحكم وكان صلى الله عليه وسلم يوصي أمراء الجيوش أن لا يعطوا لأعدائهم عهد الله فقد يضطرون إلى مقابلة الغدر بالغدر ولكن يعطون عهد أنفسهم فإذا نقضوا عهد أنفسهم كان أهون من أن ينقضوا عهد الله تعالى.
-[المباحث العربية]-
(إذا أمر أميرا) يقال: أمر فلانا بتشديد الميم مع فتح الهمزة أي صيره أميرا أي حاكما والأصل أمر رجلا فصار بالتأمير أميرا.
(على جيش أو سرية) السرية بفتح السين وكسر الراء وتشديد الياء.
وهي القطعة من الجيش تخرج منه وتغير وترجع إليه وهي من مائة إلى خمسمائة فما زاد على خمسمائة يقال له: منسر فإن زاد على ثمانمائة سمي جيشا وما بينهما يسمى هبطة فإن زاد على أربعة آلاف يسمى جحفلا فإن زاد فجيش جرار والخميس الجيش العظيم والكتيبة ما اجتمع ولم ينتشر كذا ذكر الحافظ ابن حجر.
قيل: سميت سرية لأنها تسري في الليل غالبا فعيلة بمعنى فاعلة يقال: سرى وأسرى إذا ذهب ليلا وقيل: سميت بذلك لأنها تخفي ذهابها وكأنها مأخوذة من السر وهو لا يصح لاختلاف مادة الكلمة.
(أوصاه في خاصته) أي فيما يختص به دون غيره.
(ومن معه من المسلمين خيرا) "ومن معه" معطوف على "خاصته" والتقدير: أوصاه فيما يخصه بتقوى الله وأوصاه فيما يعم من معه من المسلمين خيرا.
(اغزوا ولا تغلوا) الأمر للأمير وجنده وكرر الأمر بالغزو للتأكيد للأهمية أو ليربط به عن قرب ما يتعلق بالغزو من الوصايا والغلول بضم الغين واللام الخيانة في المغنم سمي بذلك لأن آخذه يغله في متاعه أي يخفيه فيه يقال: غل بفتح الغين يغل بضمها غلولا أما غل بفتحها يغل بكسرها غلا بكسرها وغليلا فمعناه كان ذا حقد وضغن أو غش.
(ولا تغدروا) بكسر الدال أي لا تنقضوا العهد وأوفوا بالعهود يقال: غدر بفتحات يغدر بكسر الدال غدرا بسكونها فهو غادر وجمعه غدرة بفتح الغين والدال والراء وهو غدار بتشديد الدال وغدور بفتح الغين.
(ولا تمثلوا) بفتح التاء وضم الثاء بينهما ميم ساكنة كذا الرواية من مثل بفتح الميم والثاء